حلم الدولة الفلسطينية

00:19 صباحا
قراءة 4 دقائق

كمال بالهادي

حلم الدولة الفلسطينية، بات قاب قوسين من التحقق، رغم الهجمة الإسرائيلية الشرسة على كلّ فلسطين المحتلة، وعلى كل عواصم العالم من أجل وقف تيار الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بعد أن صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار يقضي بالاعتراف بفلسطين، دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.

صحيح أن التصويت الأخير في الأمم المتحدة يحتاج إلى قرار آخر من مجلس الأمن الدولي، حتى يكون نافذاً، وهذا أمر غير ممكن في ظل التوازنات الحالية، لأنّ «الفيتو» الأمريكي يمكن أن يستخدم مرة أخرى لإحباط أي مشروع جديد قد تتقدم به المجموعة العربية في مجلس الأمن، ولكن حتى الرفض الأمريكي مرة ثانية، سيكون خطة شديدة الإحراج لواشنطن العالقة في حرب غزة، والتي يمكن أن يؤدي رفضها إلى تمرد دولي على مجلس الأمن، خاصة أن الصين وروسيا ومعهما المجموعة العربية استطاعوا حشد 143 صوتاً لصالح الاعتراف بدولة فلسطين، وإذا ما بدأت الدول الأوروبية في الاعتراف تتالياً بدولة فلسطين فإن ذلك، سيعني فرض أمر واقع على أمريكا وحليفتها إسرائيل، وهذا أمر قد لا يكون بعيداً. فمنسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قال إنه لا مجال بأن يكون لإسرائيل «حق النقض» (الفيتو) في أن تكون هناك دولة للفلسطينيين. وقال بوريل خلال مؤتمر صحفي في بروكسل «يحب توضيح أمر: لا يمكن أن يكون لإسرائيل حق الفيتو على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إن إسرائيل لن تقبل ما وصفها بإملاءات دولية، تطالب بفرض إقامة دولة فلسطينية بشكل أحادي. وأضاف نتنياهو، أن أي تسوية سياسية مع الفلسطينيين يجب أن تتم فقط من خلال مفاوضات مباشرة بين الأطراف، من دون أية شروط مسبقة، على حد قوله. وتابع «مثل هذا الاعتراف بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، سيكون مكافأة غير مسبوقة للإرهاب، وسيمنع أي اتفاق سلام حقيقي».

أما وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريش فقد اجتمع مع رؤساء سلطات المستوطنات في الضفة الغربية. واستعرض أمامهم «الخطر الملموس الذي يتطور بتأسيس دولة فلسطينية مع تدخل دولي وموافقة الجهات اليسارية في النظام السياسي». وأضاف الوزير: «لا يمكن أن يكون السابع من أكتوبر، اليوم الذي شهد أقسى المذابح منذ المحرقة، هو يوم تأسيس الدولة الفلسطينية. الدولة الفلسطينية تمثل تهديداً خطيراً لدولة إسرائيل، وعلينا أن نمنعها بكل الوسائل المتاحة لنا. الآن هو الوقت للعمل ضد الفكرة الخطيرة لإنشاء دولة فلسطينية. دول العالم تعزز هذا وهو أكثر خطورة من أي وقت مضى».

وخلال الاجتماع، أعلم الوزير الحاضرين أن رئيس الحكومة نتنياهو منع في الأشهر الأخيرة عقد اجتماعات مع مديريات مكتب التخطيط وموافقات خطط البناء في الضفة الغربية، وذلك بصورة تتنافي مع التفاهمات الائتلافية مع تشكيل الحكومة. وأضاف: «هناك شيئان ملحان يجب علينا القيام بهما الآن: مواصلة الحرب في غزة حتى تدمير حماس وعودة المختطفين. وهذا يشمل الاحتلال الكامل لرفح هنا والآن، والحفاظ على وحدتنا بأي ثمن. فقط يمكننا معاً أن نقف ضد أعدائنا وضد الضغوط الدولية الكبيرة التي تمارس علينا للاستسلام».

ووفقاً لصحيفة «واشنطن بوست»، فإن دولاً أوروبية ستعترف بدولة فلسطين، وواحدة من تلك الدول هي إسبانيا، حيث من المتوقع أن تعترف الحكومة في مدريد، إلى جانب نظيراتها في أيرلندا ومالطا وسلوفينيا، في وقت لاحق من هذا الشهر رسمياً بالدولة الفلسطينية، لتنضم إلى أكثر من 140 دولة عضو أخرى في الأمم المتحدة تعترف بالفعل. وفي مقابلة مع الصحيفة، قال وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، إن هذه اللفتة الرمزية، التي أرسلتها الحكومة الإسبانية، كانت جزءاً من إيمان بلاده بضرورة حل الدولتين لتسوية الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ووضع حد لدوامة العنف في المنطقة.

وأضاف أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية هو الأداة الأفضل الآن لحماية حل الدولتين في وقت يبدو فيه الأمل ضئيلاً في أن يؤتي هذا الحل ثماره، مشيراً إلى أن مثل هذا الإجراء، إلى جانب أشكال أخرى من الضغط الدبلوماسي على إسرائيل مثل العقوبات المفروضة على بعض الكيانات الاستيطانية في الضفة الغربية التي فرضتها الإدارة الأمريكية، يمكن أن يساعد على دفع الوضع الراهن الذي لا يمكن التغاضي عنه كما أن قرار إسبانيا بالاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية سيساعد على توجيه المحادثات في أوروبا.

ووفقاً ل«واشنطن بوست»، فإن وجهة النظر الأمريكية هي أن العضوية الفلسطينية الكاملة في الأمم المتحدة، يجب ألا تسبق المحادثات الناجحة مع إسرائيل، بل تأتي بعدها، وقال روبرت وود، نائب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة: لقد قلنا منذ البداية إن أفضل طريقة لضمان العضوية الكاملة للفلسطينيين في الأمم المتحدة هي القيام بذلك من خلال المفاوضات مع إسرائيل، ويظل هذا هو موقفنا.

التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني طوال عقود من الزمان آن لها أن تثمر دولة مستقلة كاملة السيادة على أرضها وعاصمتها القدس الشريف.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/7pzeze7z

عن الكاتب

كاتب صحفي وباحث في قسم الحضارة بجامعة تونس

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"