مذابح ممنهجة

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجة

تتواصل المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، من شماله إلى جنوبه، ولا يمرّ يوم إلا ويتم إحصاء مذابح عدّة، معظم ضحاياها من النساء والأطفال، ومن بينها مجزرتان في رفح، أخيراً، راح ضحيتهما العشرات؛ إذ استُهدفت خيام النازحين، وحُرِق كل من بداخلها، وفي حين أقرت إسرائيل بفعلتها تحت ذرائع واهية، فإن العالم ومؤسساته لم يتحرك له جفن، وواجه ذلك ببرود، عبر انتقادات لا ترقى إلى مستوى الحدث، كأن من قُتِل قطيع أغنام.

لا شيء تغيّر منذ بدء الحرب إلى يومنا هذا، فالدماء تسيل بالوتيرة ذاتها، إن لم تكن أشد، وإسرائيل تدير ظهرها لكل القوانين والدعوات العالمية لوقف مذبحتها ضد الشعب الأعزل؛ بل إنها توسع عملياتها، وتدفع بمزيد من الألوية إلى قلب القطاع، محطّمة ما تبقى من أشكال الحياة؛ إذ إنها تخوض حرباً ممنهجة، هدفها التدمير، شكلاً ومضموناً، على خلاف ما تروّج له، من أنها تقوم «بعمليات جراحية» لاجتثاث الفصائل الفلسطينية، فإسرائيل تشن حرباً ضروساً تستهدف الحجر، والشجر، والبشر بمختلف أشكالهم وتصنيفاتهم، ولا تفرق بين طفل، وامرأة، ومقاتل؛ فعملياتها العسكرية تسير بلا هوادة نحو هدف واحد، وهو جعل غزة غير قابلة للعيش، وتهجير أهلها، أو قتلهم، فالأمر سيان بالنسبة إليها، فما يهم أن تصبح أنقاضاً بلا بشر.

أما الولايات المتحدة فقصّة أخرى؛ حيث تشكل مظلة سياسية، وعسكرية، واقتصادية، لحماية إسرائيل؛ إذ تتبنى رواية حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة من دون تحفّظ، وتسارع إلى تقديم المبررات لكل جريمة مرتكبة؛ حيث قالت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إنها تراقب من كثب التحقيق في غارة جوية إسرائيلية مميتة في رفح، وصفتها بأنها أكثر من مأساوية، لكن في الآن ذاته، أكّدت أن ما يجري في رفح ليس عملية برية كبيرة تتجاوز الخطوط الحمراء، في محاولة لإفراغ الجريمة المروعة من مضمونها.

باتت القناعات تتزايد بدعم واشنطن للحرب، ودلالة ذلك تصريحاتها التي تؤكد أن لإسرائيل الحق في الحرب، وتسخيف أي اتهامات بأن القنابل الأمريكية تقطع أجساد أطفال غزة، بالقول إنها تُمنح «لأكثر جيش أخلاقية واحترافية في العالم»، متجاهلة عشرات آلاف الضحايا الذين قضوا بأسلحتها، وكان آخر الفصول الأمريكية، قيام المرشحة الجمهورية السابقة للانتخابات الرئاسية، نيكي هيلي، بكتابة عبارة «اقضوا عليهم»، على قذيفة خلال زيارتها لمواقع عسكرية إسرائيلية.

لا يمكن لهذه الحكومة اليمينية أن تنهي الحرب، إلا بضغط أمريكي فقط، ولن تلجأ واشنطن لإجبار «ابنتها المدلّلة» على ذلك، إلا بضغط عربي وعالمي صارم، يجبر الولايات المتحدة على لجم سعار الحقد الأعمى الذي يسيطر على نتنياهو وزمرته، وإلا فإن شلال الدم سيتواصل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4p7vmuzz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"