عادي

بروفات في كامب ديفيد.. الكواليس الكاملة لمناظرة «الضربة القاضية» بين بايدن وترامب

15:54 مساء
قراءة 5 دقائق

إعداد ـ محمد كمال

يتأهب الشارع الأمريكي لمتابعة المناظرة الرئاسية الأولى بين الرئيس الحالي جو بايدن ومنافسه الرئيس السابق دونالد ترامب، يوم الخميس المقبل، والتي تجري على «صفيح ساخن»، إذ تنطوى على مخاطر كبيرة وكذلك مكافآت أعظم، وذلك بالنظر إلى أن أي أخطاء محتملة قد تستمر في ذاكرة الناخبين لأسابيع أو أشهر، وهو ما دفع المرشحين لإجراء بروفات لمناظرات «حادة» قبل الظهور أمام الملايين في أنحاء العالم.

ويعتبر مراقبون أن المناظرة بين بايدن وترامب هذا الأسبوع هي اللحظة الأكثر خطورة في المنافسة المحتدمة بينهما، حيث ستدفع الرئيسين إلى مواجهة مبكرة بشكل غير عادي أمام أمة منقسمة وغاضبة، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز.

ويرى خبراء أنه بالنسبة لبايدن توفر المناظرة في أتلانتا فرصة لتذكير الناخبين بالفوضى التي سادت قيادة سلفه ترامب، وإداناته الجنائية والتحذير من مستقبل أكثر قتامة في حالة فوزه بولاية ثانية، أما بالنسبة لترامب فهي فرصة لإثبات أن أمريكا أصبحت أكثر تكلفة وأضعف وأكثر خطورة في عهد بايدن.

الصورة
  • ـ مخاطر المواجهة ـ

يرى التقرير أن المواجهة المرتقبة يوم الخميس تشكل مخاطر كبيرة على الرجلين – وكلاهما أكبر المرشحين سناً على الإطلاق للتنافس في سباق رئاسي – حيث يخوضان منافسة مثيرة للجدل تحددها «الكراهية المتبادلة» لأكثر من أربع سنوات. وهذا العداء يزيد من عدم القدرة على التنبؤ بما سيحدث، فأي خطأ ملحوظ، مثل التعثر الجسدي أو هفوة عقلية، أو وابل من الإهانات الشخصية، يمكن أن يتردد صداها لعدة أشهر، بسبب الفترة الطويلة بشكل غير عادي حتى يجتمع الرجلان مرة أخرى في المناظرة الثانية في سبتمبر.

ويؤكد كارل روف، الخبير الاستراتيجي الجمهوري البارز الذي أرشد جورج دبليو بوش في جولتيه الرئاسيتين الناجحتين أن المناظرة تشكل «نقطة انعطاف كبيرة.. هل يمكن أن يكون بايدن مقنعاً باستمرار، ليرى الناخبون أن الرجل العجوز قادر على ذلك؟ وهل سيكون ترامب منضبطاً بما فيه الكفاية بحيث يقتنع الناس بقدرته على العودة مجدداً.

  •  مناظرة مختلفة 

تعتبر هذه المناظرة الرئاسية هي الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، المختلفة بشكل ملحوظ عن تلك المألوفة لدى العديد من الأمريكيين، حيث تستضيفها شبكة CNN بدلاً من لجنة غير حزبية، وسيتم بثها بشكل متزامن على أكثر من خمس شبكات، بدون جمهور مباشر وبدون بيانات افتتاحية، وسيكون لدى كل مرشح دقيقتين للإجابة عن الأسئلة، تليها دقيقة واحدة من الردود والردود على الردود، وسيتم كتم صوت الميكروفونات الخاصة بهما عندما لا يكون دورهما في التحدث.

  • ـ بروفات قوية 

ويتخذ الرجلان نهجين مختلفين بشكل لافت للنظر في تحضيرهما، فقد ذهب بايدن مع مساعديه إلى كامب ديفيد لحضور جلسات مناظرة رسمية، ومن المتوقع أن يلعب دور ترامب في محاكاة المناظرة بوب باور، المحامي الشخصي للرئيس بايدن. ويتخذ الرئيس السابق نهجاً أكثر مرونة لكنه يشارك في «جلسات سياسية» أكثر مما عقده في عام 2020.

ويأمل مستشارو ترامب أن يحافظ الرئيس السابق على اهتمامه بالقضايا التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها أكبر نقاط الضعف بالنسبة لبايدن، وهي التضخم والهجرة، وألا ينخرط في جدالات حول ادعاءاته بشان انتخابات 2020 ونظام العدالة والتزوير.

ويرى فريق بايدن المناظرة فرصة لتركيز اهتمام الناخبين الديمقراطيين والمستقلين، وحتى بعض الجمهوريين المعتدلين، على مدى «تطرف» إدارة ترامب الثانية من الأولى. ومع ذلك، فإنهم يستعدون أيضاً لأن يقدم ترامب أداءً أكثر انضباطاً مما كان عليه في المناظرة الأولى لعام 2020، عندما كان عرضه فوضوياً.

وتقول روب فلاهيرتي، نائب مدير حملة بايدن: إن هذه الرهانات المباشرة مع الشعب الأمريكي تعد إيجابية بالنسبة لنا.. هي فرصة لنظهر للشعب الأمريكي ما نراه من دونالد ترامب طوال اليوم، على المستوى المهني، وهو أنه أكثر اضطرابا، وأكثر خطورة، وأنه يسعى للانتقام، وأي شيء يثير القلق».

من جانبه، يستعد ترامب للإجابة عن أسئلة حول التهديدات التي تواجه الديمقراطية الأمريكية ووعده بالعفو عن مثيري الشغب المتورطين في هجوم 6 يناير على مبنى الكابيتول. وقد أخبر رفاقه بأنه سيؤكد على أنه سيتعامل مع العفو الصادر في 6 يناير/كانون الثاني على أساس «كل حالة على حدة» وسيميز بين أولئك الذين ارتكبوا أعمال عنف وأولئك الذين لم يفعلوا ذلك.

  • ـ التحدي ـ

وبعد قضاء أشهر من التشكيك في قدرة بايدن على تحمل مناظرة مدتها 90 دقيقة، قال ترامب في بث صوتي: «لا أريد أن أقلل من شأنه»، وأشار إلى مناظرة نائب الرئيس التي أجراها بايدن عام 2012 منذ أكثر من عشرة أعوام للإشادة بمهارات الرئيس، وأضاف ترامب: «لقد تغلب على بول رايان، لذا فأنا لا أقلل من شأنه».

بدوره، ألقى ستيفن تشيونغ، مدير اتصالات ترامب، باللوم على وسائل الإعلام لوضع توقعات منخفضة للرئيس، وأضاف: «يجب أن يكون المعيار الحقيقي لمناظرة يوم الخميس هو ما إذا كان جو بايدن يستطيع الدفاع عن سجله الكارثي في ما يتعلق بالتضخم والغزو الحدودي الخارج على السيطرة مقابل سجل النجاح الذي لا جدال فيه للرئيس ترامب في الولاية الأولى».

  • ـ ما الجديد عن آخر مناظرة؟ ـ

وسيكون هذا الحدث هو المرة الأولى التي يرى فيها الناخبون الأمريكيون بايدن وترامب في تبادل مباشر منذ أكتوبر 2020، عندما التقيا في المناظرة النهائية لسباقهما الأخير. كما تعد أيضاً المرة الأولى التي يتواجدان فيها في نفس الغرفة منذ ذلك الحين.

ومنذ ذلك الحين عاشت الولايات المتحدة وباءً، واقتصاداً متذبذباً وحصاراً على مبنى الكابيتول، وسقوط حقوق الإجهاض الفيدرالية، كما أصبحت أمريكا متورطة في صراعين عالميين دمويين. كما أن ترامب الآن أدين بـ 34 تهمة من قبل هيئة محلفين في نيويورك. وأصبح بايدن رئيساً لا يحظى بشعبية، ويواجه معارضة شديدة ليس فقط من الجمهوريين ولكن أيضاً بين قاعدة حزبه.

وتظهر استطلاعات الرأي تقاربهما في ظل عدم رضى الشارع الأمريكي عن كثير من الأشياء بشأن الرجلين. ووصف النائب جيمس كلايبورن، وهو ديمقراطي وحليف مقرب من بايدن، المناظرة بأنها «لحظة حاسمة» محتملة لمسار الرئيس في السباق. وأضاف: «لقد بدأ في تحريك الإبرة»، مشيراً إلى استطلاعات الرأي الأخيرة التي أظهرت ارتفاعاً طفيفاً في شعبية بايدن.

  • ـ الأوراق الرابحة ـ

ولا يتوقع أحد تقريباً، بما في ذلك بعض كبار الاستراتيجيين لدى بايدن، أن تؤدي المناظرة على الفور إلى قلب السباق بين مرشحين محددين بشكل جيد للغاية. وكلا المرشحين يشغلان المنصب بطريقتهما الخاصة، فقبل أربع سنوات، كان ترامب هو الذي اضطر للدفاع عن سجله في خضم الوباء المستعر، والآن، سيواجه بايدن هجمات بسبب إدارته للاقتصاد في ظل ارتفاع الأسعار.

ويركز ترامب بشكل خاص على ثلاثية من التطورات التي يعتقد أنها تصور إدارته في ضوء أكثر إيجابية، وهي ارتفاع التضخم، والتورط الأمريكي في حربين خارجيتين جديدتين، وزيادة في المعابر الحدودية منذ ترك منصبه، وهو ما يدفعه لإلقاء اللوم بانتظام على سياسات بايدن.

ويقول النائب خوان سيسكوماني، وهو جمهوري من ولاية أريزونا إن مثل هذا التناقض المركز يمكن أن يكون في صالح ترامب. وأضاف أن الناخبين في منطقة توكسون يمكنهم بسهولة مقارنة ما كانت عليه حياتهم خلال هاتين الفترتين اللتين استمرتا أربع سنوات. وأكد: «يمكنك تجاهل الأخبار، لكن لا يمكنك تجاهل عدم قدرتك على شراء البقالة.. من الحدود إلى التضخم، يشعر الناس وكأنهم في وضع أسوأ اليوم مما كانوا عليه قبل ثلاث أو أربع سنوات.»

ويقول مساعدون لبايدن إن الرئيس يعتزم تسليط الضوء على بعض المقترحات الأكثر إثارة للانقسام التي تبناها الرئيس السابق والمقربون منه، بما في ذلك إمكانية ترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين وفرض ضريبة جديدة بنسبة 10% على الواردات، في محاولة لرسم صورة قاتمة لما يمكن أن يحدث إذا فاز ترامب.

وكما فعل الديمقراطيون منذ أشهر، يخطط بايدن لتصوير ترامب باعتباره تهديداً لما يعتبرونه الحريات الأمريكية الأساسية، مثل الإجهاض وحقوق التصويت. كما يسعى بايدن لتصوير السباق الرئاسي بأنه «بين مجرم مدان لا يسعى إلا من أجل نفسه وبين رئيس يقاتل من أجل بلاده». فهل تكون هذه المناظرة المنتظرة بمثابة «الضربة القاضية»؟

 

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdh7jeem

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"