عادي

«البئر جف».. كواليس ليلة الذعر في معسكر بايدن

16:03 مساء
قراءة 6 دقائق
بايدن

إعداد ـ محمد كمال

أثار الأداء المتعثر والمتقطع للرئيس جو بايدن خلال مناظرة دونالد ترامب، حالة من الذعر بين الديمقراطيين، لدرجة أنه أعاد فتح المناقشة حول ما إذا كان ينبغي أن يكون المرشح على الإطلاق، وظهور أصوات تطالب الرئيس بالتنحي لصالح مرشح أصغر منه، وفق رسائل نصية متبادلة وحسابات الكثيرين على وسائل التواصل الاجتماعي، كشفت عنها صحيفة تيويورك تايمز. لكن المتحدثة باسم حملة بايدن لورين هيت خرجت للقول «بالطبع لن ينسحب».

 

ووفق مراقبون، فإنه على مدار 90 دقيقة كافح بايدن بصوته الأجش لبناء زخم جديد سعياً إلى ولاية ثانية، في مواجهة الرئيس السابق الحاد؛ إذ حاول بايدن البالغ 81 عاماً تبديد مخاوف الناخبين المتعلقة بعمره، لكن بدلاً من ذلك جعل السن قضية مركزية، وأثار الشكوك حول قدرته على شن حملة قوية وتنافسية قبل أربعة أشهر من الانتخابات.

مرشح ديمقراطي آخر

وتبادل الديمقراطيون الذين دافعوا عن بايدن لأشهر ضد المشككين فيه- بما في ذلك أعضاء إدارته- مكالمات هاتفية ورسائل نصية «محمومة» في غضون دقائق من بدء المناظرة حيث أصبح من الواضح أنه لم يكن في أفضل حالاته. وفي حالة من اليأس، لجأ البعض إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن صدمتهم، بينما ناقش آخرون فيما بينهم بشكل خاص ما إذا كان الوقت قد فات لإقناع الرئيس بالتنحي لصالح مرشح أصغر سناً.
وأوردت «نيويورك تايمز» تصريحاً يحمل دلالة لأحد الاستراتيجيين الديمقراطيين المخضرمين الذي دعم بايدن بقوة علناً والذي قال: «إن بايدن على وشك مواجهة تصاعد الدعوات للتنحي.. كان لدى جو بئر عميقة من المودة بين الديمقراطيين. لقد جفت هذه البئر».
وواصل: «الأحزاب موجودة للفوز.. الرجل على المسرح مع ترامب لا يمكنه الفوز. لقد خنقه الخوف من انتقادات ترامب. والآن سيغذي نفس الخوف دعوات التنحي».
وقالت مجموعة من الديمقراطيين في مجلس النواب إنهم كانوا يشاهدون المناقشة معاً، واعترف أحدهم، بأنها كانت «كارثة لبايدن». وقال إن المجموعة كانت تناقش الحاجة إلى مرشح رئاسي جديد.
أما مارك بويل، أحد المتبرعين البارزين لبايدن والحزب الديمقراطي، فقال بعد المناظرة إن الرئيس كان عليه أن يفكر ملياً فيما إذا كان هو الشخص الأفضل ليكون المرشح. وأضاف: «هل لدينا الوقت لوضع شخص آخر هناك؟»، ويوضح بويل أنه لم يدعو بايدن بعد إلى الانسحاب، لكن «القيادة الديمقراطية تتحمل مسؤولية الذهاب إلى البيت الأبيض وإظهار ما تفكر فيه أمريكا بوضوح، لأن الديمقراطية على المحك هنا ونحن جميعاً متوترون».


احتراق بايدن

كان هدف بايدن من قبول مناظرة الانتخابات العامة في وقت أبكر من أي وقت مضى في تاريخ الرئاسة هو إعادة رسم المنافسة كاختيار بينه وبين مجرم حاول قلب الانتخابات ومن وجهة نظره سيدمر الديمقراطية الأمريكية إذا مُنح سلطة الرئاسة مرة أخرى، لكن بدلاً من ذلك غادر بايدن استوديو سي إن إن في أتلانتا وهو يحمل استفتاء على نفسه وقدراته والذي سيتردد صداه لأيام إن لم يكن لفترة أطول.


ترامب الواثق

بدا ترامب، 78 عاماً، أنه مر بالمناظرة بسهولة دون أي مشاكل، حيث كان يردد كلاماً تلو الآخر دون أن يواجه تحدياً فعالاً. وبدا واثقاً من نفسه مع تجنب السلوك المتغطرس المفرط الذي أضر به خلال مناظرته الأولى مع بايدن في عام 2020، وبدا راضياً عن ترك خصمه يتخبط في صعوباته الخاصة.
وفي حين كان ترامب في بعض الأحيان يهذي ويقدم تصريحات معقدة يصعب فهمها وغير صحيحة تماماً، إلا أنه فعل ذلك بطاقة وقوة تغطيان على تصريحاته الخاطئة، وتمكن من البقاء في موقف هجومي حتى في قضايا ضعف بالنسبة له مثل هجوم 6 يناير 2021 والإجهاض.
وفي المقابل بدا بايدن في موقف دفاعي معظم الوقت ولم يستخدم السطور التي أعدتها له حملته قبل المناظرة أو أنه تمتم بها بطريقة بالكاد تم تسجيلها.
وفي حديثه مع الصحفيين بعد المناظرة، قال بايدن إنه كان يعاني نزلة برد. وأضاف: «أعاني التهاباً في الحلق». لكنه أعرب عن رضاه عن أدائه. «أعتقد أننا قدمنا ​​أداء جيداً». وعندما سُئل عن مخاوف الديمقراطيين بشأن أدائه ودعواته إلى التفكير في ترك السباق، قال: «لا. من الصعب مناظرة كاذب».

فرص بايدن

ولطالما رفض مستشارو بايدن أي تكهنات حول انسحابه باعتبارها عصبية غير مبررة حتى مع تخلفه عن ترامب في الولايات المتأرجحة اللازمة للفوز. وقد طعن مساعدو بايدن وحلفاؤه مراراً وتكراراً في استطلاعات الرأي وأشاروا إلى أن التوقعات بهزائم الديمقراطيين في الانتخابات مبالغ فيها. وكان أحد الأسباب التي استشهدوا بها لإجراء مناظرة مبكرة هو توضيح للجمهور أن هذين هما الخياران، ولن يتم ترشيح أي شخص آخر.
وقالت سيمون ساندرز، المساعدة السابقة لنائبة الرئيس كامالا هاريس: «الحقيقة هي أنه إذا كان جو بايدن سيتنحى، لكان قد فعل ذلك منذ فترة طويلة.. هذا ليس رأيي؛ بل هذه هي الحقائق حرفياً. لذا، لا، لن يتنحى غداً صباحاً. إنه المرشح، وأظن أن عدداً من الديمقراطيين سيدافعون عنه خلال الأيام القليلة المقبلة».
ولكن في الواقع، لم تكن هذه هي الحال. فقد سارعت الحملة إلى إرسال هاريس للدفاع عن الرئيس على شبكة سي إن إن بعد المناظرة، على الرغم من أنها اعترفت بأن «البداية كانت بطيئة، وهذا واضح للجميع». وقالت إن بايدن أظهر أنه قادر على التعامل مع الوظيفة بسبب إنجازاته العديدة للأمريكيين، و«جو بايدن الذي أعمل معه كل يوم هو شخص أدى بطريقة تهدف إلى جلب الناس إلى المكتب البيضاوي».
ورفض حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، أحد أولئك الذين تم ذكرهم كبديل محتمل لبايدن بخلاف هاريس، الحديث عن تغيير المرشحين. وقال بعد المناظرة: «لن أدير ظهري أبداً لسجل الرئيس بايدن. لن أدير ظهري أبداً للرئيس بايدن، ولا أعرف ديمقراطياً في حزبي قد يفعل ذلك، خاصة بعد الليلة». لكن هذا لم يوقف التكهنات.
أما أندرو يانغ، الذي نافس بايدن للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي في عام 2020، كتب على وسائل التواصل الاجتماعي قبل انتهاء المناظرة: «يا رفاق، يجب على الديمقراطيين ترشيح شخص آخر- قبل فوات الأوان»، 
وصفت السيناتور السابقة كلير مكاسكيل، الديمقراطية من ميسوري، الأمر بأنه «أزمة»، قائلة إن هاتفها كان «ينفجر» بأعضاء مجلس الشيوخ والمانحين وغيرهم من الديمقراطيين المنزعجين الذين يفعلون «أكثر من مجرد الندم» بشأن ما سيحدث بعد ذلك. وأضافت: «كان على جو بايدن أن يفعل شيئاً واحداً الليلة، ولم يفعله.. كان عليه أن ينجز شيئاً واحداً، وكان ذلك طمأنة أمريكا بأنه قادر على أداء وظيفته في سنه، وقد فشل في ذلك الليلة».


الانسحاب

لم ينسحب أي رئيس أمريكي وهو في المنصب من سباق الانتخابات في وقت متأخر من الحملة، وكان هناك إجماع ضئيل حول ما سيحدث إذا انسحب بايدن، وفي ليلة الخميس، كان الديمقراطيون يتخيلون سيناريوهات يتدخل فيها زعماء الحزب مثل السيناتور تشاك شومر من نيويورك، ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي من كاليفورنيا، والممثل جيمس إي كليبرن من ساوث كارولينا مع بايدن.
ولم يكن هناك ما يشير إلى أن أياً منهم سيوافق على القيام بذلك. وقال ديمقراطيون آخرون إنهم يخشون أن يكون الأوان قد فات، مشيرين إلى أن بايدن رجل فخور وعنيد أصر لفترة طويلة على أنه الأفضل تجهيزاً لهزيمة ترامب ولن يستمع إلى أي شخص آخر ربما باستثناء زوجته جيل بايدن، التي دعمت بقوة ترشحا آخر. ولطالما شعر الديمقراطيون بالقلق من عدم وجود بديل واضح، وهم غير متأكدين من أن هاريس أو أي شخصية أخرى في الحزب يمكن أن ترتقي إلى مستوى التحدي.
وغالباً ما يتعثر الرؤساء في أول مناظرة لهم في موسم الانتخابات العامة، ربما لأنهم واثقون من أنفسهم بشكل مفرط، لكن في كثير من الحالات يعوضون عن ذلك بأداء أقوى لاحقاً. ولكن المشكلة بالنسبة لبايدن هي أنه لم يتم تحديد موعد لمناظرة أخرى حتى العاشر من سبتمبر، ما يعني أنه ليس لديه فرصة واضحة للتعافي لعدة أشهر. ويؤكد خبر استراتيجي مخضرم أن هذه ليست مثل خسارة أوباما أمام ميت رومني في عام 2012، والتي كانت نكسة تكتيكية، لكن ما حدث بالنسبة لبايدن، «وجودي». وبدلاً من إعادة ضبط الحملة لصالح بايدن، كما توقعوا، أنهى فريق الرئيس المناظرة وهو يعلم أن مهمة الأيام القليلة القادمة إن لم يكن الأسابيع القادمة ستكون وقف الضرر وحشد الحزب خلف زعيمهم المحاصر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5hy6tnh5

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"