تأثيرات أولمبياد باريس الاقتصادية

22:18 مساء
قراءة دقيقتين

د. عبدالعظيم حنفي*

دورة الألعاب الأولمبية في باريس التي تنطلق منافساتها الرسمية من يوم 26 يوليو الجاري حتى 11 سبتمبر (2024 )، تثير العديد من القضايا:

مما لا شك فيه أن المسابقات الرياضية تسهم في ترويج التفاعل الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي من خلال ما تولده من حماس؛ فقد أصبح تأثير الأحداث الرياضية أقوى من جميع نصوص الاتفاقيات السياسية، حيث ينظم محبو الرياضة المسابقات الرياضية أو يشاركون فيها كمشجعين، ويقبلون بدون أي تحفظات الإجراءات والاتفاقيات والقواعد الدولية والعلاقات التي تقوم على الأهداف والقيم المشتركة.

واليوم أصبحت تلك المسابقات الرياضية دليلاً حياً على تحقيق الذات لدى الجنس البشري على مستوى العالم، من الناحية البدنية، والفكرية والاقتصادية والتكنولوجية. بعد الدورة الأولمبية رقم 15 التي أقيمت عام 1952 في هلسنكي أصبحت جميع الأحداث الفنية، بما فيها عروض الموسيقى والرقص والمسرح والمعارض الفنية التي يتم تنظيمها في الدول المستضيفة للدورات، تمثل عوامل جذب لمئات الآلاف من السياح؛ (بعد مئة عام، تعود الألعاب الأولمبية إلى باريس التي تشهد أكبر حدث رياضي، ولن يقتصر الأمر على المنافسات الرياضية وإنما سيتضمن تظاهرات ثقافية وفنية عديدة، وسيكون مناسبة لتقديم وجه آخر لباريس، حيث سيسلط العالم كله الأضواء على الحدث الذي من المنتظر أن يتابعه 4 مليارات من سكان العالم.) مما يثبت أن الرياضة أداة فعالة في توحيد الثقافات والممارسات من خلال الرغبة في التعرف إلى مناطق جغرافية وتاريخية حقيقية وجديدة.

أصبحت قضية الألعاب الأولمبية على أجندة أعمال المنظمات العالمية الرسمية وغير الرسمية من خلال تركيز الضوء على المنظمة وتنظيم الدورات المختلفة للألعاب الأولمبية. وأصبحت المسابقة الأولمبية تتميز بالشهرة العريضة وزاد الطلب على تنظيم المسابقات الأولمبية الصيفية والشتوية، وأصبح هناك عدد كبير من الأنشطة الاقتصادية والرياضية والثقافية والتعليمية للجنة الأولمبية الدولية. وقد استفادت هذه المنظمة الدولية من اهتمام المنظمات العالمية الأخرى مثل منظمة الأمم المتحدة واليونيسكو واليونيسيف. وأصبحت المدينة الأولمبية مدينة عالمية وأصبحت الدورة الأولمبية عالمية؛ حيث يشارك فيها الرياضيون والمدربون والصحفيون والمسؤولون وغيرهم (فمثلاً في أولمبياد باريس سيشهد البرنامج الأولمبي منافسات في 32 رياضة (28 منها رياضة أولمبية أساسية، و4 رياضات مضافة) على مدار 19 يوماً، تضم 329 حدثاً، وستجرى 762 جلسة منافسة. أصبحت الدورات الأولمبية تشكل فرصة جيدة للتنمية المستدامة للبنى التحتية للسياحة. وقد أدى هذا الأسلوب في الإعلان إلى تعديل الميثاق الأولمبي من قبل المنتدى الأولمبي من أجل إضافة المبادئ المتعلقة بالبيئة والحفاظ على التنوع الحيوي على كوكب الأرض؛ فخلال دورة الألعاب الأولمبية والبارالمبية في باريس، سيتسلم أفضل الرياضيين في العالم ميدالياتهم الذهبية أثناء وقوفهم على حاويات المواد الغذائية المعاد تدويرها، إذ إن المنصات الأولمبية ذات اللون الفضي، والتي يتم تشييدها في جميع أنحاء فرنسا، تم تصنيعها في مصنع صغير في ضواحي باريس من قبل شركة ناشئة باستخدام البلاستيك المعاد تدويره بنسبة 100%. وهي المرة الأولى التي يتم فيها ذلك في أي دورة ألعاب أولمبية. وفي هذه العملية، وهذا الحدث أضحى أيقونة للجنة الأولمبية في باريس، التي تعهدت بجعل هذه الألعاب الأولمبية الأكثر خضرة في التاريخ.

*كاتب مصري

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/22bfj5cp

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"