المضاف إلى الإبداع التربوي

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

هل طال عليك حديث الإبداع التربوي؟ معذرةً، لم تبق إلاّ نثريات، لكنها جوهرية مصيرية. مثلاً: ما الذي يجعل أكثرية البلدان العربية، آخر ما يمكن أن يخطر ببال المؤسسات جميعاً هو الإبداع. لكنه لا يخطر على خاطر. لأن التربية لم تفكر في أن تكون إبداعية. أي أن تكون محرّكاً عامّاً، ودينامو، يشحذ ويشحن التخصصات في جميع ميادين الحياة: الإبداع العلمي، التقاني، الإداري، الاقتصادي، الزراعي، الرياضي، الموسيقي، الأدبي، التشكيلي... من دون تحديد أو حدود. من اللامعقول الحديث عن إبداع في الشعر، بينما 99% من المجالات في غيبوبة مطلقة عن الإبداع. هذا افتراء على الإبداع.

إذا أردنا الحقيقة، فإن من الطبيعي أن تشعر التنميات المتعثرة، بالحرج إذا هي حاولت استجماع شتات إرادتها، لمواجهة هذه العقبة الفكرية النفسية. ماذا تقول لشعوبها إذا جاءت تسألها؟ هل تقول: إن فرقة الميادين كلها لا توجد فيها ولا حتى آلة واحدة مدوزنة؟ بالتالي: كيف تنتظر من أنظمة التعليم تلك أن تكون ينابيع إبداع رافدةً لكل القطاعات، إذا كانت هي نفسها ظامئةً إلى أيّ قطرة تجديد وتطوير؟

المسألة لا تخلو من الدعابة الكاريكاتورية، وإلاّ فليس من الحكمة أن تسأل الأشقاء في ليبيا، السودان، سوريا... عن آخر سبل الإبداع. السؤال يوجّه إلى مبدعي المخططات، فهم أعلم بالأسرار والسرائر. لكن، إذا وُجدت في العالم العربي مراكز بحوث ودراسات تعكف على القضايا المصيرية، فلا حرج عليها بطرح الاستفهامات الأساسية: هل من السذاجة التفكير في أن العالم العربي يواجه عمليات تصفية ممنهجة، تُخرج البلدان من مسرح التاريخ بذرائع شتى، يقنّعونها بأقنعة منطقية تنطلي على رأي عام عالمي بلا حساب؟ بأيّ عقل موضوعي، نسلّم بأن أربعمئة مليون نسمة قامت على أرضهم الحضارة الإسلامية، التي سادت العالم سبعة قرون، صارت أغلبيتهم على هامش العصر؟ وماذا عن الآتي إذا استمرّت الحال؟

في هذه الظروف يحلو للمرء أن يتذكر ذلك المثل الظريف: «التعلّم في الصغر، كالنقش على الحجر»، لأن البديل هو أن تظل الأذن العربية تطنّ فيها، في كل مرّة تتداعى فيها أحجار الدومينو: «سنعيد ذلك البلد إلى العصر الحجري». الجديد في نسخ العقود الأخيرة، أنها بلا إعادة إعمار، بلا مشاريع مارشال ولا من قائمة تقوم.

لزوم ما يلزم: النتيجة الفكرية: الإبداع التربوي هو أساس تشكّل العمل العربي المشترك، الذي يجعل الأمّة تشعر بوجودها كمنظومة غايتها واحدة. وإلاّ فالمجهول معلوم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/j8u4by4d

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"