عادي

صائدو حطام السفن يبحثون في الأعماق الفرنسية عن كنوز مدفونة

16:03 مساء
قراءة 3 دقائق
(أ ف ب)
تحت أشعة الشمس الحارقة، يغوص فريق من الغطاسين الشغوفين بالبحث عن حطام السفن، في بحر هادئ بحثاً عن أدلة حول هوية سفينة تجارية من القرن الثامن عشر غرقت قبالة ساحل جزيرة إيل دو ري في غرب فرنسا.
مسح قاع البحر
على بعد أربعة كيلومترات من الساحل، وعلى مقربة من منارة بالين، يتناوب سبعة أعضاء من جمعية أبحاث ودراسات التراث البحري والنهري (أريبماريف Arepmaref) على الغوص ضمن مجموعات في إطار مهمة لمسح قاع البحر.
وباستخدام آلتين لسحب الرواسب متصلتين بالسطح بواسطة مضخات مزودة بمحرّك، بغية إزالة الرمال من الطبقة الأثرية، يقسّم الغواصون المنطقة المحددة إلى مربعات لاستخراج بقايا لقطع مدفونة أو للأثاث.
فمنذ لاحظ الغواص الحر إريك لو غال، وهو يبحث عن سمك القاروص في هذا الشريط الصخري الضحل، وجود 16 مدفعاً متوازياً، بدأت عملية بحث حقيقية عن الكنز أتاحت للغواصين الوقوع على اكتشافات مثيرة.
قطع أثرية
فمن جرس سفينة مخلوع، إلى كرات مدفع وبنادق، مروراً بشمعدانات برونزية، ومعدات ملاحية وطبية، وزجاج أزرق فقاعي، وأدوات مائدة مزخرفة، وعملات فضية من عهد لويس الخامس عشر وأخرى إسبانية... عُثر على قطع أثرية كثيرة خلال ثلاث حملات تنقيب صيفية، آخرها انتهى قبل أيام.
والأكثر ندرة في هذه الاكتشافات كانت حبوب بن قد يكون مصدرها المارتينيك، في جزر الهند الغربية، أو من بوربون في جزيرة لا ريونيون بالمحيط الهندي.
وتؤكد غاييل ديولفيه، المحاضرة في علم الآثار بجامعة نانت (غرب)، والتي تتعاون بشكل وثيق مع جمعية «أريبماريف»، أن «هذا الاكتشاف استثنائي في علم الآثار المغمورة بالمياه، وهو من بين ثلاثة مواقع أوروبية من هذا النوع».
حطام غامض
يقول قائد البعثات الاستكشافية في الجمعية فيليكس غوميز «بالنسبة لنا، الكنز هو تحديد هوية هذا القارب ودوره الدقيق في التاريخ، فهو أشبه بقطع أحجية تتشابك الواحدة مع الأخرى».
وتدعم القرائن الأولى فرضية وجود سفينة تجارية في أعماق البحار، كانت تمارس نشاطاً بين عامي 1740 و1750، وكانت مدججة بالسلاح في سياق الحروب مع إنجلترا التي كانت تطارد السفن التجارية الفرنسية بالقرب من الساحل.
وتوضح غاييل ديولفيه، المتخصصة في المعدات الثقافية للطواقم «نتعامل مع حطام غامض. إنها حادثة غرق غير معروفة، لا بد أنها كانت عنيفة بدرجة كبيرة، ولكن لم يتم تسجيلها في أي مكان. لسنا على علم بوجود معركة بحرية».
وتضيف «كانت السفينة، الفرنسية بالتأكيد، تقوم بالملاحة الدائرية، التي كانت تتمثل في جلب البضائع إلى مستعمرات أمريكا الشمالية قبل الذهاب إلى جزر الهند الغربية لتخزين المنتجات الغريبة».
كما أن اكتشاف قطعة سلاح ناري تشبه البنادق المستخدمة في ذلك الوقت في أمريكا الشمالية، يدعم فرضية إجراء رحلة إلى ما كان يُعرف بفرنسا الجديدة، أي كندا الحالية.
بعد أعمال التنقيب، يستمر البحث عن اسم القارب في أرشيفات القيادة البحرية.
تاريخ تطبيقي
يقول فرنسيس كليران، وهو غواص حر آخر وأخصائي في تقويم العظام أيضاً، «بالنسبة للبعض، كنا سذّجاً في التاريخ في المدرسة، لكن هذه المادة أصبحت جذابة، ونحن ندرس التاريخ التطبيقي».
يمارس صائدو الحطام هؤلاء مهناً مختلفة في حياتهم اليومية، إذ من بينهم مصممو غرافيك، أو أطباء بيطريون، أو متخصصون في مكافحة عمليات الاحتيال، أو مندوبو مبيعات، أو معلّمون، أو عسكريون متقاعدون.
غزيرة الإنتاج
هذه الجمعية شبه المهنية «غزيرة الإنتاج» تشكّل «حلقة لا غنى عنها في البحث الأثري، لا سيما في المجال البحري العام، مع تراث هائل مخبأ تحت الماء، في حين أن عدد علماء الآثار المحترفين قليل»، على ما يقول سيبيل تيبو، مسؤول واجهة جنوب المحيط الأطلسي في قسم الأبحاث الأثرية المغمورة بالمياه (Drassm)، المشرف على الأبحاث في البحر.
وقد تمت معالجة جزء من البقايا المُعاد تجميعها وتثبيتها في مختبر «أركانتيك» Arc'antique في نانت قبل عرضها في إيل دو ري.
وبالإضافة إلى أعمال التنقيب، فإن جمعية «أريبماريف» مسؤولة أيضاً عن جرد المواقع الأثرية الأخرى تحت الماء في المنطقة، والتي شهدت على مدى آلاف السنين حركة ملاحة بحرية مكثفة.
ومع تسجيل ما لا يقل عن 250 حطاماً بين جزيرتي ري وأوليرون، لا تزال عمليات البحث عن الكنوز المدفونة تحت الماء تدغدغ أحلام المتحمسين.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mun7aapw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"