عادي
تستحضر تجربة «إيه تي آند تي» من ثمانينيات القرن الماضي

هل تتجرأ أمريكا على «غوغل»؟.. التقسيم دواء الاحتكار

15:12 مساء
قراءة 5 دقائق

إعداد: خنساء الزبير
تدرس وزارة العدل الأمريكية محاولة يمكن وصفها بنادرة الحدوث، وهي تقسيم شركة غوغل التابعة لألفابت؛ وذلك بعد أن أصدرت المحكمة قراراً، تاريخياً، بأن الشركة تحتكر سوق البحث عبر الإنترنت، حسبما ذكرت بلومبيرغ وفقاً لمصادرة مطلعة على المداولات.
وستكون هذه الخطوة هي الأولى التي تبذلها واشنطن لتقسيم شركة بسبب الاحتكار غير القانوني منذ الجهود الفاشلة لتقسيم شركة مايكروسوفت قبل عقدين من الزمن.
وتشمل الخيارات المطروحة، الأقل حدة، إجبار غوغل على مشاركة المزيد من البيانات مع المنافسين، واتخاذ تدابير لمنعها من الحصول على ميزة غير عادلة في منتجات الذكاء الاصطناعي.
وبغض النظر عن ذلك فمن المرجح أن تسعى الحكومة إلى فرض حظر على نوع العقود الحصرية التي كانت محور قضيتها ضد الشركة.
«أندرويد» و«كروم»
وبحسب قول المصادر فإن وزارة العدل إن مضت قدماً في خطة تقسيم الشركة فإن الوحدات الأكثر احتمالاً للتخلي عنها هي نظام التشغيل «أندرويد» ومتصفح الويب «كروم» التابع لشركة غوغل. وقال أحد المصادر إن المسؤولين يتباحثون أيضاً محاولة فرض بيع محتمل لـ«أدووردز»، وهي المنصة التي تستخدمها الشركة لبيع الإعلانات النصية.
وقد تكثفت المناقشات في وزارة العدل في أعقاب الحكم الذي أصدره القاضي أميت ميهتا في الخامس من أغسطس بأن شركة غوغل احتكرت بشكل غير قانوني أسواق البحث على الإنترنت وإعلانات البحث النصية.
وقد أعلنت غوغل أنها ستستأنف هذا القرار، ولكن ميهتا أمر الجانبين بالبدء في وضع الخطط للمرحلة الثانية من القضية، والتي سوف تتضمن مقترحات الحكومة لاستعادة المنافسة، بما في ذلك طلب التقسيم المحتمل.
ووفقاً للصحيفة انخفضت أسهم ألفابت بنحو 2.5% إلى 160.11 دولار في تعاملات ما بعد ساعات التداول قبل أن تمحو بعض الخسائر. ورفض متحدث باسم غوغل التعليق على المعالجة المحتملة كما رفضت متحدثة باسم وزارة العدل التعليق.
القرن الماضي
وسوف تحتاج الخطة إلى موافقة ميهتا، الذي سوف يوجه الشركة إلى الامتثال؛ وسوف يكون تقسيم غوغل قسراً أكبر تفكيك تتعرض له شركة أمريكية منذ تقسيم شركة «إيه تي آند تي» في ثمانينيات القرن العشرين.
وأثار نقاش الشركات المتضررة مع المحكمة مخاوف من أن ممارسات غوغل وهيمنتها على البحث قد تمنحها مزايا في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
وربما تسعى الحكومة، كجزء من المعالجة، إلى منع الشركة من إجبار المواقع الإلكترونية على السماح باستخدام محتواها في بعض منتجات الذكاء الاصطناعي التابعة لها من أجل الظهور في نتائج البحث.
وبحسب المصادر فإن التخلص من نظام أندرويد، الذي يستخدمه نحو 2.5 مليار جهاز حول العالم، يعد أحد الحلول التي ناقشها محامو وزارة العدل بشكل متكرر. وفي القرار قال ميهتا إن غوغل تلزم مصنعي الأجهزة بتوقيع اتفاقيات للوصول إلى تطبيقاتها مثل جيميل ومتجر غوغل بلاي.
تثبيت أداة البحث
وتتطلب هذه الاتفاقيات أيضاً تثبيت أداة البحث الخاصة بشركة جوجل ومتصفح كروم على الأجهزة بطريقة لا يمكن حذفها، مما يمنع بشكل فعال محركات البحث الأخرى من المنافسة.
وقد قدمت لجنة التجارة الفيدرالية، التي تنفذ أيضاً قوانين مكافحة الاحتكار، مذكرة موجزة في هذه القضية هذا الأسبوع وقالت في بيان إنه لا ينبغي السماح لشركة غوغل «بجني ثمار الاحتكار غير القانوني».
وقامت غوغل بدفع ما يصل إلى 26 مليار دولار للشركات لجعل محرك البحث الخاص بها هو المحرك الافتراضي على الأجهزة وفي متصفحات الويب، مع ذهاب 20 مليار دولار من هذا المبلغ إلى شركة أبل.
وجاء في قرار ميهتا أيضاً أن غوغل احتكرت الإعلانات التي تظهر في أعلى صفحة نتائج البحث لجذب المستخدمين إلى مواقع الويب، والمعروفة باسم إعلانات نص البحث.
ويتم بيع هذه الإعلانات عبر «غوغل أدز»، والتي تم تغيير علامتها التجارية من «آدووردز» في عام 2018، وتوفر للمسوقين طريقة لتشغيل الإعلانات ضد كلمات بحث معينة مرتبطة بأعمالهم.
ويأتي نحو ثلثي إجمالي إيرادات غوغل من إعلانات البحث، والتي بلغت أكثر من 100 مليار دولار في عام 2020، وفقاً لشهادة من محاكمة العام الماضي.
وقالت المصادر إن وزارة العدل في حال لم تطلب من غوغل بيع آدووردز، فإنها قد تطلب متطلبات التشغيل البيني التي من شأنها أن تجعلها تعمل بسلاسة على محركات البحث الأخرى.

إتاحة البيانات
وهناك خيار آخر والذي يتطلب من غوغل التخلي عن بياناتها أو ترخيصها لمنافسين، مثل محرك البحث بينغ أو «دك دك غو» التابع لشركة مايكروسوفت. وذكر قرار ميهتا أن عقود غوغل لا تضمن فقط حصول محرك البحث الخاص بها على أكبر قدر من بيانات المستخدمين؛ وهو 16 ضعف ما يحصل عليه أقرب منافس لها، بل إن تدفق البيانات يمنع أيضاً منافسيها من تحسين نتائج البحث الخاصة بهم والتنافس بفاعلية.
وفرضت قواعد البوابات الرقمية التي أقرتها أوروبا مؤخراً شرطاً مماثلاً يقضي بأن تتيح غوغل بعض بياناتها لمحركات البحث التابعة لجهات خارجية. وقد صرحت الشركة علناً بأن مشاركة البيانات ربما تشكل مخاوف بشأن خصوصية المستخدم، لذا فهي لا تتيح المعلومات إلا عن عمليات البحث التي لا تتجاوز حدوداً معينة.
1956
وكان إلزام الشركات الاحتكارية بالسماح للمنافسين بالحصول على قدر من الوصول إلى التكنولوجيا بمثابة معالجة في قضايا سابقة. ففي أول قضية رفعتها وزارة العدل ضد شركة «ايه تي آند تي» في عام 1956، طُلِب من الشركة توفير تراخيص خالية من حقوق الملكية لبراءات الاختراع الخاصة بها.
وفي قضية مكافحة الاحتكار ضد مايكروسوفت ألزمت التسوية شركة التكنولوجيا العملاقة في ريدموند بولاية واشنطن بإتاحة بعض مما يسمى «واجهات برمجة التطبيقات» الخاصة بها لأطراف ثالثة مجاناً، وتُستخدم هذه الواجهات لضمان قدرة برامج الكمبيوتر على التواصل وتبادل البيانات مع بعضها البعض بشكل فعال.
منتجات الذكاء الاصطناعي
ولسنوات عديدة سمحت المواقع الإلكترونية لزواحف الويب التابعة لغوغل بالوصول إلى نتائج البحث الخاصة بالشركة للتأكد من ظهورها في نتائج البحث الخاصة بها. ولكن في الآونة الأخيرة، تم استخدام بعض هذه البيانات لمساعدة غوغل في تطوير الذكاء الاصطناعي التابع لها.
وفي الخريف الماضي أنشأت غوغل أداة تسمح لمواقع الويب بمنع جمع البيانات من أجل الذكاء الاصطناعي، بعد أن اشتكت الشركات لكن هذا الخيار لا ينطبق على كل شيء.
ففي شهر مايو الماضي أعلنت غوغل أن بعض عمليات البحث ستأتي الآن مع «ايه آي أوفرفيوز»، وهي استجابات سردية توفر على الأشخاص مهمة النقر فوق روابط مختلفة.
وتظهر اللوحة المدعومة بالذكاء الاصطناعي أسفل الاستعلامات، حيث تعرض معلومات موجزة مأخوذة من نتائج بحث غوغل من جميع أنحاء الويب.
ولا تسمح غوغل لناشري المواقع الإلكترونية برفض الظهور في «ايه آي أوفرفيوز»، نظراً لأنها «ميزة» من ميزات البحث وليست منتجاً منفصلاً.
ويمكن لمواقع الويب منع غوغل من استخدام مقتطفات ولكن هذا ينطبق على كل من البحث و«ايه آي أوفرفيوز».
ورغم أن هذه الميزة لا تظهر إلا في جزء بسيط من عمليات البحث، إلا أن طرحها كان متعثراً بعد أن قدمت بعض المقتطفات اقتراحات محرجة، مثل نصح الناس بتناول الصخور أو وضع الغراء على البيتزا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4wfcw3cw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"