إغاثة السودانيين أولوية مطلقة

00:38 صباحا
قراءة دقيقتين
2

يراقب العالم والإقليم الوضع المأساوي في السودان الغارق في حرب أهلية منذ ستة عشر شهراً، وتحاول جهود دبلوماسية مكثفة إيجاد حل سلمي يُنهي الصراع الدامي بين القوات المسلحة السودانية وقوات «الدعم السريع» ويحفظ للسودان أمنه وسيادته ووحدته الترابية، ويعيد إلى شعبه الأمل في حياة كريمة، يمارس فيها حريته وخياراته بعيداً عن أي وصاية.
ضمن هذا الجهد، جاءت استضافة جنيف محادثات لوقف إطلاق النار وإيجاد حلول للأزمة الإنسانية المستفحلة، خصوصاً في إقليم دارفور غرب البلاد الذي تشهد بعض مناطقه مجاعة قاتلة وانتشاراً للأوبئة والأمراض. ورغم أن محادثات جنيف واجهت بعض الصعوبات والعراقيل، فإن الدول التي تنخرط في جهد دبلوماسي مكثف، وبينها دولة الإمارات، تعمل على عدم إضاعة هذه الفرصة، خصوصاً وأن الوضع الدولي لا يسمح باستمرار هذه الأزمات، نظراً لتداعياتها الخطيرة على المحيط الإقليمي. ورغم ما يحيط بهذه المحادثات من غموض، فإنها ستكون خطوة إضافية في الاتجاه الصحيح، بشرط توفر الإرادة والنوايا الصادقة لدى طرفي الصراع.
نتيجة لهذه الجولة من المحادثات والجهود الدبلوماسية التي رعتها، جاء قرار القوات المسلحة السودانية بفتح معبر أدري الحدودي مع تشاد، بقعة ضوء أولى في المشهد السوداني القاتم. وقد لقي هذا القرار ترحيباً سريعاً من دولة الإمارات والولايات المتحدة وسويسرا والسعودية ومصر والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وقد دعت هذه الدول والمنظمتان، في بيانها، قوات الدعم السريع إلى اتخاذ خطوات فورية لضمان توفير الحماية لدخول مجموعات الإغاثة. كما تعهد البيان باتخاذ خطوات عاجلة لنقل المساعدات الإنسانية إلى دارفور وعبر كافة الأراضي السودانية، مع توفير ممر آمن ومن دون عوائق إلى المحتاجين، بغض النظر عن الطرف الذي يسيطر على الأراضي، فإغاثة المنكوبين باتت أولوية مطلقة، لا سيما وأن الوضع الإنساني أصبح فوق الاحتمال ويتمثل بأكبر مجاعة على الإطلاق، فضلاً عن الأمراض والأوبئة سريعة الانتشار، ومن ذلك ما كشفته منظمة الصحة العالمية عند إبلاغها عن 11327 إصابة و316 حالة وفاة بالكوليرا في السودان، مشيرة إلى أن الأزمة الإنسانية الناتجة عن الحرب الدائرة هناك أدت إلى ارتفاع حالات حمى الضنك والتهاب السحايا أيضاً.
الأرقام المفزعة عن ضحايا الحرب الدائرة في السودان وتوابعها، لا تجعل من طريق آخر لإنهائها إلا الوقف الفوري لإطلاق النار على أساس نتائج محادثات جدة السابقة، والمبادرات الداعمة، والقانون الإنساني الدولي، وصولاً إلى حل سياسي شامل تتمتع فيه كل الأطراف بحقوقها ضمن سودان واحد وموحد المكونات والمؤسسات والأقاليم، أما الإصرار على إدامة الصراع وتمدده فلن يجلب المكاسب لأحد، بل سيؤدي إلى مزيد من القتل والدمار والتشريد والأوبئة والمجاعات.
على مر تاريخه، شهد السودان حقباً من الحروب والاضطرابات، ولكن هذا الصراع هو الأسوأ على الإطلاق، لأنه يصيب عصب الدولة في الصميم، ويثير نعرات عنصرية وقبلية ومناطقية لم تكن بهذا السوء، ومن شأن عدم وقفها أن يصبح مستقبل السودان في دائرة الخطر، وهو ما لا يريده له أحد، وتقاومه الأغلبية الساحقة من أبناء السودان التي تأمل في طي هذه الصفحة السوداء واستعادة النفس لإعادة بناء بلد عريق يوشك أن يضيع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/53updr8t

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"