حينما حرصت الوالدة «أم علي» على اللحاق بمنتخب الإمارات للكويت، لحضور مبارياته في «خليجي 23» رغم حالتها الصحية، إنما كان ذلك لدعمه والوقوف خلفه، وفي ثناياها تلك الذكريات الممتعة، والأجواء المشوقة، التي ظهرت في آفاق البطولة، من حضورها في «خليجي 21» وتكرار ذلك الزخم الكبير، والفرح المثير، الذي نثره المنتخب، بقوة في البحرين، وحينها توج الأبيض بلقب البطولة آنذاك، حين ترافق أداء اللاعبين الرائع، مع النتائج والتفوق الباهر.
لكن ما لا تعرفه المشجعة أم علي، أن المنتخب الحالي حضر للكويت، ولم تحضر معه تلك الروح، التي كانت تحمله للانتصارات حملا، جاء وقد خلع عن نفسه ذلك الأداء الرائع المتجانس بين اللاعبين، وخفتت تلك الجمل التكتيكية، التي حفظوها عن ظهر قلب، أتوا وقد تكبلت أقدامهم، وباتت الفرص على مرمى الخصوم محدودة، أخبروا أم علي، ألا تبحث عن ذلك اللحن البديع، الذي عزفوه وأسمعوه لنا، فلم تعد البصمة ولا الهوية، التي عرفناها عن «الأبيض» متناغمة.
اليوم يحضر المنتخب، بمدربه الجديد زاكيروني، وبخلطته وطريقته الإيطالية، بين عناصر تبحث عن فرصة، لإثبات الذات، ولاعبين آخرين، لم يجدوا ضالتهم حتى الآن، وخرجنا من الجولتين الأوليين، بحصيلة من 4 نقاط، وأداء لم يقنع ولم يشفع، منذ بداية التحضيرات، بمنظومة غير مكتملة، ولم ترق للتطلعات، كنّا ننتظرها منهم، وثوب آخر لا يناسب حتى الآن، مقاس الأسماء المتوافرة، والعناصر التي أجادت، في البطولات والمنافسات السابقة، نعم الفرصة لا تزال قائمة، والفريق لا يزال في صلب المنافسة، ولكن ما لا نجد له مبرر ولا أعذار، ذلك الغياب والكرة الباهتة، التي يقدمها المنتخب، والروح التي تدحرجت، خارج أسوار المستطيل الأخضر.
مازالت غيوم الخروج الحزين، من تصفيات كأس العالم، تخيم على النفوس، وما زالت آثار مرارة تلك التصفيات، عالقة في الأذهان، لن ينسيها إلا الحضور المشرف، والأداء والبذل المستحق، مهما أعددنا وأحصينا الأعذار، فلن يشفي الصدور، إلا جمال الحضور، ولن ترضى بهذه المهاترات المتقلبة، حتى نصل إلى نهائيات آسيا الموعودة.
حينما تكون في القمة، فالكل يرمقك، ويبذل قصارى جهده، لأسقاطك وزحزحتك عنها، ولكن حين يشاهدك، قد تنازلت عنها طواعيةً دون عناء، ولم تلق بالاً لمسيرتك وإنجازاتك، ولم تحافظ على كيانك، سيسهل لهم دحرجتك وزعزعت قمتك.
مبارك الرصاصي
