عادي

أجواء سوريا ملبدة بغيوم الصراعات

03:45 صباحا
قراءة 3 دقائق
فيديريكو بيراتشيني*

في 17 سبتمبر/أيلول الماضي، أسقطت الدفاعات الجوية السورية عرضاً، طائرة روسية قبالة الساحل السوري، في وقت كانت فيه طائرات حربية «إسرائيلية» متوجهة لضرب أهداف داخل سوريا، وأسفر الحادث عن مقتل 15 عسكرياً روسياً.
بعد أسبوع من حادث إسقاط الطائرة، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، أن الرئيس فلاديمير بوتين صادق على تسليم سوريا صواريخ الدفاع الجوي «إس 300».
وكانت روسيا تعتزم تسليم هذه الصواريخ إلى سوريا في عام 2013، إلا أنها علقت تسليمها نتيجة لضغوط غربية و«إسرائيلية». والآن، يأتي نشر «إس 300» في سوريا ليثير قلق «إسرائيل» والولايات المتحدة؛ إذ إن «إسرائيل» لديها طائرات مقاتلة أمريكية الصنع من طراز «إف 35»، التي تعتبرها الولايات المتحدة المقاتلة الأكثر تطوراً في العالم. ولكن هذه الطائرات تواجه الآن خطر إسقاطها بالصواريخ السورية الجديدة «إس 300».
وهذه الصواريخ السورية الجديدة ستكون مندمجة في نظام القيادة والتحكم والاتصالات الروسي، ما يضع «إسرائيل» في موقف صعب إذا ما قررت استخدام مقاتلات «إف 35» مرة أخرى لضرب أهداف في سوريا، وهذا يثير أيضاً قلق الولايات المتحدة.
وكثيراً ما كان قادة عسكريون «إسرائيليون» يؤكدون أن «إسرائيل» قادرة على التغلب على صواريخ «إس 300»؛ لأنها أصبحت تعرف أسرارها. ولكن هذا التأكيد «الإسرائيلي» يستند إلى كشف أسرار صواريخ «إس 300» أقدم عهداً باعتها روسيا إلى اليونان.
وصواريخ «إس 300» اليونانية تفتقر إلى الصيانة، كما أن أجهزتها الإلكترونية لم تخضع لتحديث، ولا لتغيير بعض مكوناتها التي أصبحت قديمة.
في المقابل، صواريخ «إس 300» الحديثة الأكثر تطوراً التي سلمت إلى سوريا تتميز بفعالية أكبر بكثير بفضل أجهزتها الإلكترونية الحديثة المتطورة. علاوة على ذلك، هذه الصواريخ السورية تبقى مندمجة في نظام «سي 3» الروسي، الذي يعالج اليوم نقاط ضعف صواريخ «إس 300» القديمة التي تملكها اليونان. وهذا يعني أن دول حلف الأطلسي و«إسرائيل» تواجه الآن نظاماً صاروخياً أكثر تطوراً وتعقيداً، خصوصاً أنها لم تستطع حتى الآن على الأقل كشف أسرار صواريخ «إس 300» الحديثة والأكثر تطوراً.
وقبل سنتين، خلال العمليات العسكرية للجيش السوري ضد قوات المعارضة في قطاع مدينة حلب، حذر قائد عسكري روسي رفيع المستوى في إشارة ضمنية إلى الطائرات الأمريكية الحديثة «إف 35» و«إف 22» من أن مدى وفعالية صواريخ «إس 300» سيشكلان مفاجأة (لدول حلف الأطلسي، وبالتالي ل«إسرائيل»).
وعندما أعلن وزير الدفاع الروسي شويجو عن قرار تسليم صواريخ «إس 300» إلى سوريا، قال أيضاً إن «روسيا ستشوش على الأقمار الصناعية وأجهزة الرادار والاتصالات التي توجه طائرات معادية خلال هجمات ضد أهداف في سوريا، وحتى خلال تحليقها قبالة سوريا فوق البحر المتوسط.. وقوات سوريا ودفاعاتها الجوية ستجهز بأنظمة مراقبة وتوجيه إلكترونية متطورة. والأهم من ذلك، هو أن قوات الدفاع الجوي السورية ستزود أيضاً بأجهزة إلكترونية متطورة ستمكنها من تحديد هوية أي طائرة روسية في الجوار».
وكل ذلك يعني أنه إذا حاولت «إسرائيل» ضرب صواريخ «إس 300» (إذا استطاعت تحديد مواقعها أصلاً لأنها متحركة)، فستواجه خطر إسقاط طائراتها المهاجمة، بما فيها مقاتلات «إف 35».
يذكر أن المشروع الأمريكي لتطوير المقاتلة الضاربة «إف 35» هو الأكثر كلفة من نوعه في التاريخ؛ إذ كلف عشرات مليارات الدولارات، ولا يزال مستمراً، في حين أن كلفة الطائرة الواحدة من هذا الطراز تزيد على 110 ملايين دولار. وهذا ما يفسر الضغوط القوية التي كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون، وكذلك «إسرائيل»، يمارسونها على روسيا لكي لا تزود سوريا بصواريخ «إس 300».
وهذا أيضاً ما يجعل من الممكن أن تحاول «إسرائيل» ضرب صواريخ «إس 300» السورية باستخدام طائراتها «إف 35»، ولكن مثل هذه المحاولة ستكون محفوفة بمخاطر كبيرة.
يذكر أن روسيا لديها نسخة أكثر تطوراً من هذه الصواريخ المضادة للطائرات، وهي صواريخ «إس 400»، كما أنها تعمل حالياً لتطوير جيل جديد من هذه الصواريخ باسم «إس 500».

*كاتب وصحفي مستقل يكتب حول الشؤون والنزاعات الدولية
 موقع: «استراتيجيك كلتشر»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"