ترامب و«الرائع» كيم

03:03 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

حقق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما لم يحققه أحد من أسلافه، عندما وطئت قدماه أراضي كوريا الشمالية إلى جانب زعيمها كيم جونج أون بحضور رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن. وكان هذا اللقاء هو الثالث بين الزعيمين، وجاء في مكان مفاجئ ومختلف، ويبدو أن الترتيب جرى على عجل أثناء قمة مجموعة العشرين في أوساكا اليابانية.
يعيش الرئيس الأمريكي الفانتازيا، ولذلك يحرص على المواقف المتقلبة وغير المألوفة، وبعد أن انتهى اللقاء سارع إلى «تويتر» ليغرد قائلاً «غادرت كوريا الجنوبية بعد اجتماع رائع مع الزعيم كيم جونج أون، وقفت على أرض كوريا الشمالية، حدث مهم للجميع، وشرف عظيم»، والشرف الذي يقصده هو أنه استطاع أن يفعل ما لم يسبقه إليه رئيس أمريكي منذ تقسيم شبه الجزيرة الكورية بعد حرب مدمرة أوائل خمسينيات القرن الماضي، وهذا أمر مهم، أما الأهم فيتعلق بالخطوة التالية بين البلدين اللذين مازالت تحكمهما أجواء الحرب. وبين احتفاء ترامب باللحظة الفارقة وإعراب كيم عن أمله بتجاوز العقبات، يتضح أن الرجلين قد اتفقا على لقاء رابع ربما يكون في واشنطن أو بيونج يانج، ولكن سقف التفاؤل يبقى محكوماً بما يمكن أن يجري بين الطرفين في الفترة المقبلة.
اللقاء الجديد جاء بعد تأكيدات متبادلة عن فشل قمة هانوي في فبراير الماضي، وعودة البلدين إلى لغة التحدي والعقوبات، رغم أنهما لا يريدان الفشل مع محاولة كل طرف تحقيق مصالحه. ومن الواضح أن الرئيس الأمريكي أحرص الأطراف على أن يحقق شيئاً، ولذلك فهو مستعد ليفعل أي شيء غير مألوف. وعندما وصل إلى سيؤول لم يكن معروفاً أن كيم سيلتقيه في المنطقة منزوعة السلاح. ويعود هذا التطور إلى ما حدث في أوساكا وتحديداً إلى اللقاء بين ترامب والرئيس الصيني شي جي بينج. وفي ظل ما وصف بالانفراج في الحرب التجارية بينهما، ريما يكون جي بينج قد أوعز لحليفه كيم بقبول لقاء الرئيس الأمريكي ليعود إلى بلاده حاملاً «إنجازاً»، ولو رمزياً، في وقت تشتد فيه استعدادات الحملة الانتخابية والانتقادات الديمقراطية لسياسات الإدارة الجمهورية.
«المصافحة تعني الكثير»، هكذا وصف ترامب لقاءه مع كيم. ومن المعاني التي يمكن أن يسوقها في الداخل الأمريكي، أنه رئيس يستطيع تجاوز الحدود التقليدية وإحداث اختراقات في ملفات مزمنة يتوارثها الرؤساء الأمريكيون على مدى عقود، وهذا الأمر يمكن أن يستفيد منه انتخابياً. أما المعنى الآخر، فموجه إلى الخارج، وتحديداً إلى إيران التي مازال يأمل قبولها بالمفاوضات، وربما اللقاءات المباشرة. فهذا الرئيس الأمريكي، ليس تقليديا، بل يصر على الخروج عن الأنماط السائدة، وبالنسبة إليه، فهو مستعد أن يطلق أشد التهديدات ويفرض أقسى العقوبات، وربما في ساعات قليلة يعود عن ذلك كله، وينقلب على مواقفه السابقة. لأنه ببساطة مهووس بفن الصفقات، ولكنه إلى الآن لم يبرع في أي واحدة، وخصوصاً مع كوريا الشمالية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"