الإمارات والحرب ضد الإرهاب

01:38 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي
الإرهاب خطر يهدد الحضارة البشرية، ويهدم الأمم، ويغرق الدول في معمعة الطائفية والتخلف والجهل، ويحوّل الحياة الجميلة إلى غابة كئيبة، يسود فيها منطق اللا منطق، ويعلو فيها صوت القوة والبطش والافتراس وسفك الدماء، ويسلخ الإنسان عن هويته الإنسانية، ليصبح كائناً آخر، وحشاً مفترساً في صورة إنسان، متحفزاً للانقضاض لنهش كل من أمامه، والواقع أكبر شاهد على التداعيات الكارثية لهذه الظاهرة الخطيرة.
أدركت دولة الإمارات منذ وقت مبكر خطر الإرهاب والتطرف على البشرية، وحققت قفزات نوعية لتأسيس دولة الأمان والازدهار، وإيجاد البيئة المحصنة من هذا المرض الفتاك.
منذ قيام دولة الإمارات، حرص المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة، وسار على خطاه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه شيوخ الإمارات على أن تكون دولة الإمارات واحة للاستقرار والأمان والسلام للجميع، وبيئة حاضنة لتعايش مئات الجنسيات التي تعيش على أرض الدولة، تتمتع بكامل حقوقها وحرياتها تحت مظلة القانون. وغرس الشيخ زايد رحمه الله، ثقافة التسامح والاحترام في المجتمع الإماراتي، لتكون الأرضية التي تجمع الجميع على اختلاف جنسياتهم وثقافاتهم، وزرع القيم الفاضلة في النفوس، لتكون أساساً في التعامل الإنساني بين كافة الشرائح والفئات، وأرسى روح المواطنة الصالحة وقيم الولاء والانتماء، لتكون صمام أمان في وجه أي تطرف دخيل.
هذه القيم الاجتماعية والثقافية تشكل موروثاً إماراتياً أصيلاً، وجزءاً لا يتجزأ من الشخصية الإماراتية، تنشر عبقه الفواح أينما كان في حله وترحاله، مفعماً بالتسامح والاحترام وقبول الآخر.
التنمية الاقتصادية التي حققتها دولة الإمارات كانت وسيلة من وسائل التحصين ضد الإرهاب، ففي غضون فترة قصيرة حققت دولة الإمارات نهضة اقتصادية كبيرة، وأحرزت المراتب الأولى في الكثير من المؤشرات الاقتصادية، وارتفع دخل الفرد الإماراتي، وأصبح من أعلى المعدلات عالمياً. ووفق مكتب تقرير التنمية البشرية في الأمم المتحدة، فإن المعدل العام للفقر في الإمارات من أقل النسب في العالم، لا يزيد على 0.002٪، أي يبلغ صفراً بالمئة، فشعب الإمارات من أسعد شعوب العالم، وأكثرها رفاهية ورضا، وهو محصن ضد الإرهاب والتطرف.
التنمية البشرية ورفع مستوى الفرد في المعيشة دواء فعال للقضاء على جرثومة الإرهاب، التي لا تنمو إلا مع فشل التنمية وانتشار الفقر والجوع وتدني دخل الأفراد، خاصة مع توسع مفهوم الأمن القومي، ليشمل الأمن الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وغيرها.
أحد أسباب انتصار دولة الإمارات على الإرهاب كذلك تحصين الشباب تعليمياً والقضاء على الأمية، إضافة إلى توفير فرص العمل والتوظيف لهم، والحد من البطالة، فالإمارات منذ قيامها اهتمت بالشباب، وسعت في تحقيق طموحاتهم واجتذابهم للاستفادة من قدراتهم، فأصبح الشباب عنصراً فعالاً في مسيرة البناء والتطوير في الدولة، محصناً ضد الإرهاب والتطرف، بما يملكه من عقل واعٍ متعلم وساعد يعمل بإخلاص، والأمية والبطالة تجعلان الشباب معرضين للتأثر بالأفكار الإرهابية، وبطالة الشباب تعد من أكبر التحديات الاقتصادية التي تواجه الدول، وتشير التقديرات الدولية إلى أن معدلات البطالة بين أوساط الشباب المسجلة في الدول العربية هي الأعلى مقارنة ببعض الأقاليم الجغرافية الأخرى، والحد من هذه الظاهرة أمر حتمي لاجتثاث جذور الإرهاب من المنطقة.
وهكذا لعبت دولة الإمارات دوراً فاعلاً في محاربة الإرهاب والتحصين منه بشتى الطرق، واعتمدت استراتيجيات شاملة في مكافحة الإرهاب والتطرف بمختلف أشكالهما؛ على الصعيدين الداخلي والخارجي، وساهمت مع المجتمع الدولي في القضاء على الإرهاب والإرهابيين، وتشهد الأوكار الإرهابية بأن دولة الإمارات لها نصيب في تدميرها وتفكيكها، فدولة الإمارات جزء من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب والتطرف في العالم.
وتؤكد دولة الإمارات في مختلف المحافل ضرورة تعزيز الجهود الدولية في مكافحة الإرهاب، وتشارك المجتمع الدولي همومه في القضاء عليه، فقد شاركت الإمارات في الاجتماع الوزاري الأخير للتحالف الدولي للقضاء على «داعش»، وأشار أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية إلى دور الإمارات في التصدي للتطرف والإرهاب ومبادراتها المتعددة.
الإرهاب ظاهرة عالمية تهدد جميع الدول حول العالم، والجهود الجماعية ضرورية للتصدي لهذه الظاهرة، والقضاء على الإرهابيين، وتدمير أوكارهم، وتجفيف منابع الفكر الإرهابي، ومعالجة الأسباب التي تنتج الإرهاب، مثل الحروب والصراعات والمشكلات الاجتماعية كالفقر والبطالة وضعف التنمية وسوء المعيشة.
احترام حقوق الإنسان، وسيادة القانون، وتحقيق العدالة، وإحلال المواطنة والتعايش والوحدة الوطنية، عوضاً عن الطائفية والتمييز والتهميش والحروب؛ مسائل ضرورية للقضاء على الإرهاب والإرهابيين وتحقيق السلام الاجتماعي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"