طرابلس ورايات «داعش»

03:46 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

لم يأت مبعوث الأمم المتحدة غسان سلامة بجديد عندما حذر من حرب طويلة ودامية في ليبيا، وذلك في معرض تعليقه، أمام مجلس الأمن، على الأحداث الجارية في البلاد ومنها معركة طرابلس. فهذا التوصيف معلوم، والأزمة أعمق مما يتصور كثيرون، وربما تقود المعركة الجارية حالياً إلى نتيجة لا تحمد عقباها تؤدي إلى خلط الأوراق بأسوأ مما مضى.
أخطر ما كشفه غسان سلامة يتعلق بإشارته إلى عودة رايات «داعش» في المناطق الصحراوية الليبية، وهو ما يؤكد تحذيرات سابقة من أن هذا التنظيم الإرهابي بدأ يعيد انتشاره خارج سوريا والعراق، وقد يجد في الحرب الدائرة في طرابلس مظلة يتسلل تحت ضجيجها ودخانها إلى مفاصل حيوية في البلاد. وما يؤكد هذا التصريح، تأكيد الجيش الوطني بقيادة خليفة حفتر أن «داعش» عاد إلى نشاطه بدليل الهجمات الأخيرة التي نفذها التنظيم في ثلاثة مواقع نفطية بين منطقتي سبها والجفرة جنوبي البلاد. كما تؤكد مصادر ليبية أخرى أن تحركات للتنظيم بدأت تظهر في ضواحي مدينة سرت التي اتخذها سابقاً «عاصمة» قبل أن تدحره منها حكومة الوفاق بدعم دولي، وحتى لا تسقط مجدداً ضحية للإرهاب، وضع الجيش الوطني خطة عاجلة للسيطرة عليها وطرد الميليشيات التابعة لحكومة طرابلس.
لن يحجب التعتيم الكبير والأخبار المنافية للواقع حقيقة الوضع الصعب في ليبيا. وإذا كانت المعركة الجارية في طرابلس تعترضها عقبات عدة لاستكمال مراحلها، فإن الوضع العام في ليبيا لا يسر أحداً بسبب المخاطر الجمة وصعوبة تحقيق الإنجازات.
فكلما تدهورت الأوضاع الأمنية والسياسية، زادت المخاطر وعظمت التحديات. وأسوأ تهديد يأتي من الجماعات الإرهابية، التي تسعى إلى إعادة الانتشار والاستفادة من الفوضى المستمرة. وهناك مؤشرات عديدة تؤكد أن «داعش» يعد العدة للسيطرة على الجنوب الليبي، والتواصل الجغرافي مع الجماعات الإرهابية المتحركة في دول الساحل والصحراء الإفريقية، خصوصاً في ظل تقارير عن انتقال قيادات إرهابية من سوريا والعراق إلى ليبيا عبر تركيا. وفي غياب الحجة على هذا التخوف، هناك من البراهين غير المباشرة ما يؤكد أن التحدي الإرهابي قائم بقوة في الدول المجاورة لليبيا.
تحذير غسان سلامة من عودة «الدواعش» إلى ليبيا يضع الأمم المتحدة في صدارة الجهات المسؤولة عن تدهور الأوضاع في هذا البلد وفشله في تحقيق شروط الوحدة والاستقرار. وأكبر الأدلة على الفشل الأممي، معركة طرابلس التي بدأت، دون أن تتحدد معالم نهايتها، وسببت انتكاسة سياسية ونفسية لأبناء الشعب الليبي بعدما طمحوا طويلاً إلى مصالحة وطنية وعيش كريم في بلد آمن. وربما يكون هجوم الجيش الوطني على ميليشيات طرابلس نابعاً من هذا الإحباط، وغايته استعادة الدولة ومكافحة الإرهاب وقطع الطريق على ما هو أشد وأخطر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"