التنمية وبناء الدول

03:15 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي
التنمية مرتبطة ببناء الدول والشعوب، وتوفير الحياة الكريمة للأفراد، ومتى وجدت التنمية على الوجه الأكمل فإنها تقي المجتمعات من الفقر والبطالة والصراعات الداخلية وعزل المرأة وقهرها. فالتنمية تؤسس للدول استقرارها، وترتقي بها في جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والإنسانية، وتحقق التنمية المستدامة، وتحلق بالمجتمع في سماء الرقي والتطور والرفاه والسعادة والإنتاجية، واليوم دولة الإمارات نموذج في التنمية العالمية، معتمدة على الابتكار والمعرفة والتطور السريع الملموس.
التنمية هي موضع اهتمام البشر جميعاً في العالم، وهي موضع عناية الإنسان منذ فجر التاريخ، والذي كان يسعى لتوفير احتياجاته المعيشية اللازمة، من غذاء ودواء وأمن ومأوى ومصدر دخل يضمن له القوت اليومي ويؤمِّن له المستقبل، ليحظى من ذلك بالسعادة والراحة والانشراح النفسي، ويكون بعيداً عن المنغصات التي تؤلم البدن والروح، كالجوع والفقر والمرض والحروب وغيرها، ما يؤكد أن التنمية ليست مجرد أرقام وحسابات جامدة، بل هي حياة كاملة تعاش، فالهواء الذي يتنفسه الإنسان يتطلب توفر بيئة صحية نظيفة، والغذاء الذي يتغذى به، والصحة التي يتمتع بها، وفرص التعليم والعمل والتمتع بالحقوق والعيش في كرامة كل ذلك أجزاء لا تتجزأ من منظومة التنمية الشاملة.
والإنسان هو محور التنمية وأساسها الأول والأخير، فهو هدفها المنشود، باعتبار أن المقصود من التنمية هو خدمة الإنسان وتلبية احتياجاته الضرورية والكمالية، والإنسان هو أيضاً صانع التنمية وبانيها، فلولا الإنسان لما كانت هناك تنمية، فالتنمية مرتبطة بالإنسان الذي هو هدفها وصانعها، ما يؤكد أن التنمية البشرية هي أساس أي تنمية في أي مجتمع كان، وكلما ضخ المجتمع طاقات بشرية مؤهلة وفق برامج عمل صحيحة، دارت عجلة التنمية بسرعة وانتظام، وارتفع مستوى الدول في الأنشطة الإنتاجية والخدمية، وقامت الثورات الاقتصادية التي تستأصل الجوع والفقر والجهل وتقلل نسب الأمراض والوفيات وتبث روح السلام والوئام وتخلق بيئات معيشية سعيدة للإنسان، وتطفئ ثورات الدماء والحروب والدمار. فالتنمية الاقتصادية تحتاج إلى تنمية فكرية وعقول موهوبة مبدعة.
وللتنمية فلسفة علوية، فهي روح تسري في عالم البشر لترفع المعاناة عنهم وتزرع فيهم السعادة، وما لم تكن التنمية هكذا فليست تنمية، والمال في هذا الإطار وسيلة لتحقيق غاية التنمية النبيلة، وهو أداة تحويل الأحلام والطموحات الإنسانية إلى حقائق تنموية على أرض الواقع، ويقال في الأمثال: «بالمال يمكن كل شيء»، وهذا يتطلب بالتأكيد وجود تنمية بشرية تستثمر المال وبقية الموارد لخلق التنمية الشاملة التي تحقق سعادة الإنسان، فمن دون الموارد لا يمكن خلق تنمية، كما أنه بدون عقول تحسن استثمار الموارد لا يمكن بناء تنمية أيضا. فالعقول هي التي تحول الموارد والخامات والمواد الأولية إلى مصنوعات ومنتجات وأدوات قابلة للانتفاع، والتنوع في المصادر والموارد يؤسس تنمية اقتصادية متينة وقوية، والتحكم في حجم الدخل والموارد من العناصر الرئيسية في بناء الاقتصاد المتين.
ومن عوامل تطور التنمية البشرية بشكل منظم وسريع، المعرفة والابتكار، فهما سبب لزيادة المواهب العقلية والكفاءات والتخصص في الوظائف والأعمال، مما يؤدي بالتالي إلى زيادة التنمية الاقتصادية، وبناء أفضل اقتصاد بأقل تكلفة، وطالما أكدت دولة الإمارات على أولوية الاستثمار في رأس المال البشري، وأن بناء الإنسان هو أساس البناء، وأن العلم هو أساس هذا الطريق.
كما أن وجود بيئات عمل مناسبة أمر مهم لتحقيق التنمية البشرية واستثمارها، والتي تؤدي إلى تنمية كفاءة العاملين في المؤسسات والشركات وغيرها من الهياكل التنظيمية. وقد أطلقت دولة الإمارات الميثاق الوطني للسعادة والإيجابية، ومن محاوره خلق بيئة عمل سعيدة، ما يرفع مستوى أداء الموظفين ويزيد من الإنتاجية ويخلق روح الابتكار والإبداع في فرق العمل رؤساء ومرؤوسين.
ومردود التنمية من أهم مكاسب جيل الحاضر والمستقبل، ودولة الإمارات هي نموذج رائد في التنمية، فقد حققت قفزات نوعية في مجال التنمية البشرية والاقتصادية وتنمية الموارد، وامتدت جهودها على المستويين الداخلي والخارجي، وساهمت في رفع مستوى التنمية في مناطق عدة من العالم، عبر المساعدات التنموية والإنسانية لتخفيف المعاناة عن الإنسان، ومكافحة الفقر والمرض والجهل، وتقديم الخدمات التعليمية والثقافية وغيرها. ومن أمثلة ذلك مبادرة تحدي القراءة العربي، والتي هي أكبر مشروع عربي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء ،حاكم دبي، رعاه الله، لتشجيع القراءة لدى الطلاب في العالم العربي، فالتنمية تبدأ من الإنسان، والعلم هو أهم عنصر لبناء الإنسان، وهو منطلق التنمية وأساسها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"