أرض الشمس المشرقة

03:51 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عبدالعزيز المقالح

لعل أجمل الأوصاف التي تطلق على منطقتنا العربية، أنها أرض الإشراق والنور والشمس التي لا تغيب طوال العام. واللافت للانتباه أننا نحن مواطني هذه الأرض المشرقة لا نتمتع بهذا المناخ البديع كما يفعل الآخرون الذين لا تشرق عليهم الشمس إلا لماماً، فهم يخرجون إما للشواطئ أو المنتزهات وقد كشفوا صدورهم للشمس فرحاً بها وابتهاجاً بنورها. وعلى العكس من ذلك نحن الذين نتخفى عنها ونحاول الفرار من حرارتها. وهكذا يبدو ما هو نعمة في مكان، نقمة في مكان آخر.

ولا ريب على الإطلاق أنها بالنسبة لنا نعمة لا نقمة، فهي تخلق الدفء والحيوية في أوصال الحياة. وفي إمكان الإنسان أن يفر من حرارة الشمس، لكن ليس في إمكانه أن يفر من برد الأجواء وقارص الشتاء. ولنا أن نحمد الله ونبالغ في شكره على ما حبانا به نحن العرب من مناخ يحسدنا عليه الشرق والغرب على السواء. وقليل هم من أهلنا في هذه الأرض المباركة الذين يتذكرون هذه النعمة ويحمدونها، أو بالأصح يتجاهلونها ويتجاهلون ما توحي به من اعتدال في المواقف السياسية والاجتماعية، وإن كانت الظروف الاستثنائية تخالف بعض الشيء هذا الاعتدال.

لقد أمضيت في أوروبا فصلي الشتاء والصيف فأرهقني الشتاء ببرده الشديد كما أرهقني الصيف بحره الخانق، وكنت دائم الثناء على مناخنا المعتدل في حره وبرده، لا سيما في بعض الأقطار الواقعة في مناخ بديع الاعتدال كما هو الحال في بعض أجزاء من اليمن؛ حيث يكاد يتساوى فصل الشتاء مع فصل الصيف، وتنزل الأمطار عادة في الصيف لتخفف من حرارته، وتنتشر الغيوم على سماواته.

والغريب؛ بل والعجيب، ألاّ يتم استغلال هذا المناخ في مجال السياحة العربية عندما يهرب بعض العرب الميسورين إلى أوروبا ليواجههم مناخ شبيه بالمناخ الذي هربوا منه. وهو قصور واضح في دور المؤسسات السياحية وفي عدم الاستعداد لاستقبال السياح وتوفير ما يحتاجون إليه من مساكن وغير ذلك مما يتطلبه السائح.

ما أكثر مشاكلنا الوطنية، ابتداء من السياحة إلى السياسة وما تفرضه من خلافات لها أول وليس لها آخر. وأسوأ ما في هذه المشكلات أننا نعرف، كما قلت وكررت، نعرف أسبابها وطريق الخلاص منها، إلا أننا لا نفعل شيئاً يساعد على إيجاد ذلك، ويظل الخلاص المطلوب محض أمنيات قد تتحقق أو لا تتحقق.

وما أكثر أمنياتنا وما أقل ما نعمله لتحقيقها. وقد يقول قائل: أين يكمن السبب الحقيقي لبقاء مشكلاتنا الحقيقية؟ والجواب، كما سلفت الإشارة، غياب العمل بوصفه الطريق الأوضح والأسلم إلى ما نتطلبه ونبحث عنه من وسائل الخلاص.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"