الاستثمار في الأسهم ... (2 - 2)

03:15 صباحا
قراءة 3 دقائق
قلنا في المقال السابق إنَّ السهم هو الصك أو الوثيقة التي تثبت حق صاحبها في حصة شائعة في موجودات الشركة وأصولها . وقلنا أيضاً إنَّ الاستثمار في الأسهم لا يتنافى مع المبادئ العامة للشريعة الإسلامية، التي تقرر أن كل مصالحة، وكل شرط جائز إلا ما دل الدليل على حرمته، والأصل في الأشياء الإباحة .
يقول ابن تيمية في فتاواه: إن الأصل في الشروط الصحة واللزوم، إلا ما دل الدليل على خلافه، والكتاب والسنة قد دلاّ على الوفاء بالعهود والعقود، وذم الغدر والنكث، قال تعالى: "ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" (الآية 1 من سورة المائدة) .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطهم"، وفي رواية "والمسلمون على شروطهم إلا شرطاً حرّم حلالاً أو أحل حراماً" (رواه البخاري والترمذي) .
وقلنا إنَّ الفقهاء متفقون على أن الاستثمار في الأسهم يندرج تحت شركة العنان، فالمؤسسون هم المشاركون، وما قدمه كل واحد منهم هو مقدار المشاركة (انظر حاشية ابن عابدين ج3 ص،35 ومغني المحتاج ج2 ص،213 والمغني لابن قدامة ج5 ص،109 والخرشي ج4 ص258 - 265) .
والشركة المساهمة تمر بمراحل عدة:
1- مرحلة التأسيس: حيث تتحدد في هذه المرحلة أغراض الشركة، وبناء عليها نحكم على المشاركة فيها، أحلال أم حرام؟ وتتحدد في هذه المرحلة أيضاً نسبة المشاركة لكل مساهم .
وما يعرف عن هذه المرحلة أنها لا تبيح للمساهم التصرف في الشركة باسم الشركة، بمعنى أنه لا يصح له أن يبيع سهمه لأنه ما زال نقداً، فلا يصح بيع النقد بالنقد، ولكن يجوز له أن يتنازل عن سهمه لشخص آخر بالمبلغ نفسه .
2- مرحلة الاكتتاب: وهي عبارة عن دعوة صادرة من الشركة للمشاركة، والدعوة، تصدر وفق شروط وضوابط شرعية وقانونية .
وفي هذه المرحلة أيضاً لا يجوز للمساهم أن يتصرف في أسهمه بالبيع، لأنها لم تدخل البورصة بعد .
3- مرحلة ما بعد تجميع النقود، وقبل أن تتحول إلى أعيان ومنافع: وفي هذه المرحلة لا يصح أيضاً أن يبيع المشاركون أسهمهم نقداً، إلا بشروط التماثل والتقابض الواردة في كتب الفقه، لأنها ما زالت نقوداً، وقد قال الفقهاء بجواز بيعها بالعروض لا النقود .
4- مرحلة ما بعد تحول النقود إلى أعيان ومنافع وحقوق معنوية: وقد قررت المجامع الفقهية أنه في هذه المرحلة يصح بيعها، لأن النقود تحولت إلى أعيان ومنافع وحقوق (انظر قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 30) .
5- مرحلة تحول السلع والأعيان والمنافع إلى أثمان عاجلة أو آجلة، أي نقود أو ديون، وربما هذه الصورة ظاهرة في البنوك الإسلامية بشكل جلي، حيث إن ميزانياتها عبارة عن ديون ناشئة عن المرابحات والبيوع الآجلة والتقسيط، إضافة إلى النقود والأعيان والحقوق المعنوية .
يقول الدكتور علي القره داغي: "وفي هذه الحالة نرى رعاية مبدأ الأكثرية أو الأغلبية، فإذا كانت الديون أو النقود أكثر من 50% فلا يجوز تداول أسهمها إلا بمراعاة قواعد بيع الديون وقواعد الصرف" .
ويمكن أن يكمن الحل في رعاية قاعدة الأصالة والتبعية، وهي قاعدة معروفة عند الفقهاء، فيقال عندئذ: هل المقصد الأساسي من موجودات الشركة الأعيان والمنافع والحقوق المعنوية التي هي مثل الترخيص التجاري والسمعة؟
إن كان هذه هو المقصود فإن التصرف فيها بالبيع في هذه المرحلة جائز .
6- مرحلة التصفية: والتصفية لا تكون إلا إذا توقفت الشركة المساهمة عن نشاطها، وفي هذه الحالة يتصور أن تكون للشركة وعليها ديون آجلة أو نقود، وتكون هناك أعيان تباع عند التصفية .
ويقول الفقهاء إنه في هذه المرحلة تطبق قواعد الصرف، وقواعد بيع الديون .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"