خسارة عميقة

03:29 صباحا
قراءة دقيقة واحدة

يقول أورهان باموق في كتابه «إسطنبول الذكريات والمدينة» أن الحزن كلمة تركية، ذات أصل عربي، تستخدم بمعنى السوداوية، وقد ذكرت الكلمة في القرآن الكريم أكثر من مرة، ويؤكد أن الكلمة تعني شعوراً بخسارة روحية عميقة، لكن إذا كانت الكلمة قد بدأت حياتها، معبرة عن الخسارة والألم الروحي والأسى، فإن قراءة «باموق» لها تشير إلى خطأ فلسفي، يتطور على مر القرون التالية في التاريخ الإسلامي، فنرى مع الوقت معنيين للحزن مختلفين تماماً، يستدعي كل واحد منهما رؤية فكرية متميزة.

الرؤية الأولى تقول: «لو كنت مسلماً صالحاً حقاً، لما اهتممت كثيراً بما تفقده في هذه الدنيا» وتقدم الرؤية الثانية فهماً أكثر إيجابية، إن الحزن عند المتصوفة هو ألم روحي نشعر به، لأننا لا نستطيع أن نكون قريبين من الله قرباً كافياً، إن الصوفي الحقيقي لا ينشغل في الدنيا بأمور من قبيل الموت، ناهيك عن متاع الدنيا، فهو يعاني الأسى والخواء والنقص؛ لأنه لا يستطيع أن يكون قريباً من الله قرباً كافياً.

يقول باموق: «إذا كان لي أن أعبر عن حدة الحزن، الذي جعلتني إسطنبول أشعر به، وأنا طفل، فعلي أن أصف تاريخ المدينة، بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، وكيف انعكس هذا التاريخ على المناظر الجميلة في المدينة وعلى سكانها، وهو أمر أكثر أهمية، ليس حزن إسطنبول مجرد مزاج، يتم التعبير عنه في موسيقاها وشعرها، إنه طريقة في النظر إلى حياة تضمنا جميعاً، وهو ليس مجرد حالة روحية؛ لكنه حالة عقلية تؤكد الحياة في النهاية، كما تنكرها».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"