عبيد المسماري: أزرع وأرعى الماشية

تجاوز الثمانين ويعشق الخضرة والنماء
01:55 صباحا
قراءة 5 دقائق
حوار: بكر المحاسنة

في منطقة البثنة التابعة لإمارة الفجيرة، أرض الخيرات والمناظر الخلابة والأودية الساحرة، ولد الوالد عبيد بن سيف المسماري لينشأ على العادات والتقاليد العربية الأصيلة وحب الأرض والزراعة وحب الوطن الذي لا يزال مغروساً في وجدانه وينقله إلى أبنائه وأحفاده. وعلى خطى الأهل الذين شقوا طريقهم بمعاناة حتى بنوا هذه الأرض وعمروها، سار الوالد سيف ليتعلم من والده قراءة القرآن والصلاة رغم عدم وجود المطاوعة في ذلك الوقت في قرية البثنة.
يقول الوالد عبيد بن سيف المسماري: ولدت في فترة الثلاثينات ولم أعرف تاريخ ميلادي؛ حيث لم يكن هناك أي جهة توثق تواريخ الميلاد لكن يقدر عمري الآن في الثمانينات، وولدت في بيت مبني من سعف وخوص النخيل، في منطقة البثنة المملوءة بالخيرات وسط الجبال العالية والأودية؛ حيث ولدت ونشأت فيها، بعدها انتقلت للعيش في منطقة مسافي للعمل في مزارع المغفور له الشيخ محمد بن حمد الشرقي حاكم إمارة الفجيرة سابقاً، وكانت البثنة منطقة صغيرة تضم عدداً بسيطاً من البيوت ومربوطة بطريق صغير جداً بمدينة الفجيرة، وكنا نذهب إلى المناطق الأخرى بواسطة الحمير أو الجمال، ونشأت فيها على العادات والتقاليد العربية الأصيلة
وحب الأرض ونشأت علي حب الوطن وأحببت الزراعة وكنت دائماً أعمل مع والدي جنباً إلى جنب في الزراعة وتربية ورعي المواشي حتى أصبحت أتقن كافة أعمال الزراعة بشكل كبير وما زلت حتى وقتنا الحاضر أقوم بزراعة المحاصيل والخضراوات وأشجار النخيل، وأعمل على تربية الماشية.
يقول المسماري: عشت حياة تقليدية بسيطة، اعتمدت فيها على ممارسة زراعة أشجار النخيل والمحاصيل الزراعية المتنوعة إضافة إلى رعي وتربية الماشية، وتجارة بعض محاصيل التمور والعسل البري والحطب والفحم والأغنام، ومنتجاتها إلى أسواق المناطق الساحلية، وكنت أسكن في مواسم الشتاء في منازل مبنية من الطين والحجارة، وفي موسم الصيف أتخذ من بيوت العريش المبنية من جريد وسعف النخيل مسكناً لي والتي كان يكثر انتشارها في المزارع في موسم القيظ. والحمد لله كنت راضياً في معيشتي بما كانت تمنحني إياه الأرض والجبال من عسل النحل البري وحطب الأشجار، وما كانت توفر لي زراعة الأرض من التمور والمحاصيل الأخرى، إضافة إلى ما كانت توفره لي تربية الماشية، ولم يكن هناك أي مطوع واحد يقوم على تعليمنا إلاّ أنني تعلمت الكثير من والدي رحمه الله؛ حيث كان هو بمثابة مدرسة لي في التعليم والأخلاق.

مراحل
يكمل الوالد عبيد في سرد رحلته في الحياة قائلاً: منذ أن نشأت وأنا أعمل في المزارع؛ حيث كنت أتقن مهنة الزراعة بشكل كبير، ولدي خبرة كبيرة في زراعة المحاصيل والعناية بالأشجار؛ حيث كنت أعمل لدى مزارع الأهالي، وبعدها سافرت للعمل في المملكة العربية السعودية لمدة حوالي تسعة أشهر ثم عدت للعمل في المزارع وعندما سمع المغفور له الشيخ محمد بن حمد الشرقي حاكم إمارة الفجيرة سابقاً أنني أمتهن الزراعة بشكل جيد ولدي خبرة كبيرة طلبني للعمل في مزارعه في منطقة مسافي في فترة الخمسينات وعشت منذ تلك الفترة في منطقة مسافي التابعة للفجيرة حتى وقتنا الحاضر، كما عملت عند المغفور له الشيخ محمد بن حمد الشرقي كأحد حراسه الشخصيين، بعدها اتجهت للعمل في وزارة الكهرباء والمياه منذ 1978 حتى عام 1998، ومنذ تلك الفترة وحتى وقتنا الحاضر ما زلت محافظاً على مهنة الزراعة وتربية الأغنام؛ حيث أقوم بزراعة الخضراوات والفواكه والمحاصيل الصيفية، وزراعة أشجار النخيل والحمضيات بأنواعها.
ويشير إلى أنه تربى على القيم العربية الأصيلة سواء في منطقة البثنة أو منطقة مسافي؛ حيث تعلم من والده قيمة المحافظة على العادات والتقاليد و أهمية السعي لكسب لقمة العيش الكريم، وصفات الرجل العربي الأصيل كما تعلم من والده حسن استقبال الضيوف والكرم والشجاعة وحب العمل وحب الأرض التي يعيش عليها، وتقديم يد العون والمساعدة وهي صفات حرص على غرسها في نفوس أبنائه وأحفاده.
ويؤكد أنه في الماضي كان لأهالي المناطق الجبلية عادات وتقاليد خاصة في المناسبات الاجتماعية والدينية والاحتفالات المتعددة؛ حيث أعراس أهالي المنطقة قديماً كانت بسيطة غير ما هو عليه الآن ولم تكن هناك أي تكاليف من قبل أهل العروس على المعرس وكانت المهور قليلة، والعرس يستمر لعدة أيام وتقام فيه الأفراح وتظهر الفنون والرقصات الشعبية الخاصة بأهالي المنطقة غير الموسيقى الموجودة حالياً كما كان يعد الطعام للضيوف والأهالي ويقوم أهل المعرس بنحر الذبائح، وكان في العرس يتجمع كافة أهالي المنطقة النساء مع النساء والرجال مع الرجال، وعن رمضان يقول: كنا في الماضي نصوم رمضان من دون كهرباء أو مكيفات كما هي الحال اليوم، وكان الناس لا يتعطلون عن أعمالهم رغم العناء والتعب الذي كنا نشعر به، وكانت منازل الأهالي قريبة من بعضها بعضاً، يفطرون جماعة ويصلون التراويح معاً، وبعد ذلك يبدأ السهر والسمر حتى وقت السحور، وبعدها يصلون الفجر والكل يذهب إمّا إلى بيته أو عمله في المزرعة أو رعي الأغنام أو جمع العسل والحطب من رؤوس الجبال ولم يكن هناك الحر الشديد كما في وقتنا الحاضر، كما كان العيد له عادات وتقاليد خاصة حيث يتم الإعلان عنه عن طريق إطلاق النار مثل الإبلاغ عن شهر رمضان، وفي صباح العيد يجتمع الأهالي بعد صلاة الفجر في مصلى العيد، وبعد الصلاة توزع القهوة والتمور من قبل أحد أهالي المنطقة، وبعدها يجتمع الأهالي على الغداء في بيت أحدهم والعشاء في بيت آخر، وهكذا يتبادل الناس العزائم على مدار أيام العيد.
ويشيد الوالد عبيد بالأيادي البيضاء للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والشيخ محمد بن حمد الشرقي حاكم الفجيرة سابقاً، رحمه الله، ومن بعده صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم الفجيرة، وولي عهده سمو الشيخ محمد بن حمد الشرقي حيث كان لهم دور كبير في التطور والازدهار الذي وصلت إليه إمارة الفجيرة فبعد أن كانت مناطقها نائية، تحتوى على عدد قليل من المنازل المبنية من الحجارة والطين وسعف النخيل، ولا يوجد فيها أي خدمات باتت عروس الساحل الشرقي لدولة الإمارات بما تضمنه من مرافق وخدمات لا مثيل لها وبيوت سكنية حديثة ومرافق سياحية مهمة تجذب الناس من داخل وخارج البلاد.
ولا بد هنا من أن أؤكد على دور صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في تلبيه متطلبات الأهالي وتوفير الخدمات للمواطن الإماراتي الذي يحمد الله ليلاً ونهاراً أن منّ الله عليهم بقيادة حكيمة جلّ همها راحة ورفاهية المواطن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"