«الكناز».. سكن التمور المجففة

02:51 صباحا
قراءة 3 دقائق
العين: هديل عادل

تعميقاً لروح الأصالة والتراث في نفوس الأجيال الجديدة، وتعزيزاً لارتباطهم بهويتهم الوطنية، نظمت دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، ومتحف العين الوطني، جولة استكشافية لعملية «الكناز»، وهو تقليد متبع في موسم حصاد التمور وحفظها.
تهدف مثل هذه الجولات إلى تثقيف المجتمع المحلي، حول العادات والتقاليد التي تشكل جزءاً لا يتجزأ من المجتمع الإماراتي، وتعرف المشاركون في الجولة إلى أنواع أشجار النخيل، التي تستخدم في عملية الكناز ومواسم حصادها، والتجهيزات اللازمة للكنز ومراحله.
وقدمت منى الظاهري، مبرمجة مشاركات مجتمعية في دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، شرحاً مبسطاً عن عملية الكناز، ضمن الجولة الاستكشافية التي انطلقت من متحف العين الوطني، مروراً بواحة العين، للتعرف إلى مراحل عملية (الكناز)، و أنواع أشجار النخيل، ومواسم حصادها. وتقول: «تقع علينا اليوم مسؤولية كبيرة في الحفاظ على تراثنا الإماراتي، ونقله للأجيال الجديدة، كجزء من هويتنا الوطنية. وينقسم التراث إلى مقومين أساسيين، هما المقوم المادي الذي يشمل الآثار والمعالم التاريخية، والحرف اليدوية والأدوات التي كان يستخدمها الآباء والأجداد، بينما يتجسد المقوم المعنوي في العادات والتقاليد والقيم التي تعبر عن المخزون الروحي للمجتمع. وتتولى دائرة الثقافة والسياحة حفظ وحماية تراث وثقافة المجتمع الإماراتي، وتسعى جاهدة إلى دعم الأجيال الجديدة من خلال تعزيز برامج الهوية والانتماء، والتواصل مع الموروث الشعبي وغرسه في نفوس الناشئة».
وتبدأ الظاهري جولتها بتوضيح المقصود بكلمة الكناز، قائلة: «الكناز باللهجة المحلية، تعني حفظ التمور بعد تجفيفها في حاويات مختلفة الأحجام، وذلك نظراً لكثرة النخيل وأنواعه وامتداده على مساحات واسعة، تميزت بها واحات العين قديماً وما زالت، حيث تمتد زراعة النخيل إلى البيوت لتشبع شغف السكان بهذه الشجرة المميزة، التي كانت تساهم في سدّ حاجاتهم من الأكل بقدر كبير قبل سنوات عديدة مضت، إلى جانب استخداماتها الكثيرة إلى يومنا الحالي».
وتتابع: «تصاحب زراعة النخيل عدة عمليات مهمة، من أبرزها عملية الكناز، التي تعد مرحلة استثنائية تساهم بشكل كبير في حفظ محصول موسم الحصاد (اليداد)، في حاويات مختلفة الأشكال والأحجام، بعد التأكد تماماً من تجفيفها وتنظيفها، وتركها لمدة معينة تحت أشعة الشمس، لتكون سهلة الجمع والحفظ. ولعملية الكناز وما يصاحبها من تفريغ لقطوف التمر (العذوق)، ونشرها على مفارش تراثية مرتفعة (مساطيح) لتنظيفها، ومن ثم حفظها (كنزها) في الحاويات المعدة لهذا الغرض، ليتم الاحتفاظ بها في المخازن».
وتشرح الظاهري العلاقة بين عملية «اليداد» و«الكناز»، قائلة: «في فصل الصيف يستنفر أصحاب النخيل في موسم الحصاد، أو ما يطلق علية محلياً»اليداد«، لتفريغ النخيل من القطوف المحملة بالتمور (العذوق)، حيث تهب العائلات لجني محصول النخيل بقص العذوق من الأشجار، ومن ثم تفريغها من التمور وتجهيزها استعداداً لعملية الكناز. ولا شك أن هناك صلة كبيرة بين العمليتين؛ لأن عملية اليداد هي العملية الرئيسية لجمع المحصول، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بالعملية التالية، وهي الكناز، فما يتم جنيه يتم حفظه تلقائياً».
وتشير الظاهري إلى أن خطوات عملية الكناز تتميز ببساطتها، ولكنها تحتاج إلى إتقان في مراحل العمل، حتى يتم تخزين التمور بطريقة صحيحة.
وتقول: «في موسم القيظ كان الأهالي يحتفلوا بقطف الرطب (اليداد) من أجل تحويله إلى تمر، وكان يتم جني محصول الرطب بالتعاون بين المزارعين من أصحاب المزارع، إذا كان عدد النخيل كبيراً، وكان الناس في الواحات قديماً يعتمدون في غذائهم على التمر والحليب، كمادة غذائية أساسية.
ويمثل التمر أساس الاقتصاد والمصدر الرئيسي للمواد الغذائية في الواحات، وتبدأ خطوات عملية الكنز بغسل التمور جيداً، ومن ثم توزيعها على مفارش محلية من الحصير، أو غيرها من الخامات المناسبة، ثم يتم تعريضها للشمس لمدة ساعة أو ساعتين، حتى تجف من الماء وتكون ليّنة، ليتم جمعها ودعكها براحتي اليد، داخل الحاويات المخصصة للتخزين».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"