المهرجانات التراثية تاريخ يضيء مستقبل الشباب

تذكرهم بالعادات والتقاليد بعيداً عن الإيقاع المتسارع
01:33 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: علي داوود
«أيام الشارقة التراثية» و«مهرجان قصر الحصن» و«مهرجان الشيخ زايد التراثي» و«رأس الخيمة التراثي» و«ملتقى السمالية» الربيعي والصيفي، وغيرها من المهرجانات والملتقيات التراثية التي تنظم سنوياً وبشكل دوري في دولة الإمارات، دعوة مفتوحة لقراءة كتاب تاريخ الأجداد وعاداتهم وتقاليدهم وأنماط حياتهم، الذي تفتح صفحاته هذه المهرجانات والفعاليات أمام زوارها من المواطنين والمقيمين.
إلّا أن لهذه المهرجانات مزية إضافية، هي تلك الحالة من التفاعل التي توجدها بين الأجيال الجديدة وموروثها الثقافي، بعد أن تصحب شبابنا في رحلة إلى الماضي، تنسيهم ولو قليلاً إيقاع حياتهم المتسارع اللاهث، فيرسخ في أذهانهم كل ما هو جميل ونبيل من قيم ومفردات تعزز انتماءهم إلى هذا الوطن. في السطور التالية نستطلع آراء عدد من الشباب والفتيات الإماراتيين، حول أهمية هذه المهرجانات والفعاليات التراثية، وما تمثله بالنسبة إليهم، وكيف ينظرون إليها.
تعبر حصة الخزرجي عن اعتزازها بما تقدمه المهرجانات التراثية، على مدار السنوات، وخصوصاً لأنها تربط الجيل الجديد بتراث الأجداد. ومن وجهة نظرها فإن أهم ما يميز هذه المهرجانات، استقطابها جميع أفراد الأسرة كباراً وصغاراً إلى زيارتها، لما توفره من فعاليات وأنشطة محل اهتمام الجميع.
وتؤكد الخزرجي أن العروض الفنية التي تقدم في المهرجانات التراثية، لها طابع خاص يزيدها كما غيرها من زوارها تعلقاً بالوطن. وتوضح ذلك بالقول: يتفاعل الجميع مع هذه المهرجانات وما يقدم فيها من عروض، فأطفالنا وشبابنا يشاركون في هذه العروض، ويمارسون «العيالة» و«اليولة» ويرددون كلمات الأغاني الشعبية ومعانيها التي تحمل دلالات اجتماعية معروفة، إضافة إلى ممارسة الألعاب الشعبية القديمة؛ ما يرسخ في أذهان هؤلاء الأطفال والشباب هذا الجانب من التراث غير المادي، ويربطهم به، ويحفزهم على تعلم مفردات ومعلومات عن تاريخ وطنهم.

الماضي مشهد حي

وتشدد حنان الكربي على أهمية زيارة المهرجانات التراثية للأسر الإماراتية، التي تسعى إلى غرس القيم الأصيلة، وتعزز روح الانتماء لدى أبنائها، ليرى الجيل الجديد، كيف كانت الحياة في الماضي، وكيف سعى أجدادنا لتسخير البيئة حولهم والتأقلم معها؛ إذ تقدم تلك المهرجانات مختلف أوجه الحياة في الإمارات قديماً، وما يرتبط بها من مهن وأشغال يدوية تراثية، ما يسهم في تعريف المواطنين والمقيمين بماضي الدولة، وكيف كان يعيش الأجداد.
وتلفت الكربي إلى أن استضافة الحرفيين في ورش العمل التقليدية، لصناعة السدو والخوص وصناعة السفن الخشبية، وغيرها من الأنشطة التراثية، مثال على استغلال وسائل وأدوات الحاضر في التعريف بالماضي والارتباط به.

المكان الأمثل

محمد مبشر من زوار المهرجانات التراثية الدائمين، يقول: في أي مكان على أرض الدولة يوجد مهرجان تراثي، أذهب إلى زيارته مع أسرتي، فأنا من المعجبين بهذه المهرجانات لأنها تربط الجيل الحالي بتراث أجدادهم، كما تعد بالنسبة لي ولغيري المكان الأمثل للقاء الأقارب والأصدقاء والتعرف إلى أصدقاء جدد. ويعدد أسباب إعجابه بهذه المهرجانات وحرصه على زيارتها بالقول: أجتمع هناك بكبار السن الطيبين من آبائنا وأجدادنا، وأستمتع بمشاهدة الأطفال وهم يمارسون الألعاب التراثية، ولأنني عاشق للبيئة الصحراوية، فهذه المهرجانات تقدم صورة حقيقية لهذه البيئة، فضلاً عن أنها تذكرنا بالتقاليد والعادات، فتنسينا ولو لمدة قصيرة الحياة المعاصرة بإيقاعها المتسارع.

ويصف محمد اللنجاوي زيارة المهرجانات التراثية بأنها مثل زيارة المدرسة بالنسبة للأبناء، بالقول: على كل مواطن أن يصطحب أبناءه لتلك المناسبات حتى يتعلموا ويعرفوا عن تاريخهم وماضيهم، بعد أن اجتذبهم الحاضر إليه بجميع الوسائل الترفيهية، التقليدية والمبتكرة، ما يجعل من استحضار إرث الماضي مهمة صعبة، من دون وجود مثل هذه الفعاليات. ويرى أن تنوع المهرجانات التراثية وتعدد عناصرها، على امتداد الدولة، يعد الطريقة المثلى لترسخ مفردات ومفهوم الماضي في أذهان الجيل الجديد، وإبعاده ولو قليلاً عن ثورة التقنيات الحديثة التي شغلت الكثيرين عن تراث الأجداد.

أجواء الزمن الجميل

أكثر ما يركز عليه أحمد المحرمي، أثناء زيارته هذه المهرجانات، هو البيئة الصحراوية لأنها تذكره بحياة الأجداد، وتجعله يعيش جزءاً منها، إلى جانب استمتاعه بالأكلات الشعبية التي توفرها أجواء هذه المهرجانات، ومشاهدة طرق صناعتها، ومتابعة الفرق التراثية التي تعيد الزوار إلى أجواء لا يشاهدونها إلّا في مثل هذه المناسبات.
ويضيف المحرمي: كما أعتز كثيراً بمشاهدة معارض الصور، وخصوصاً صور الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ سعيه لتأسيس دولة الاتحاد، إذ تبرز هذه الصور قيم الوحدة والانتماء إلى الوطن، إضافة إلى معارض المقتنيات التراثية التي تقدم إرثاً مادياً ملموساً نفخر به نحن جيل الشباب.
أمّا أفنان البريكي فتقول: يكاد لا يمر أسبوع إلّا ونقرأ أو نسمع عن مؤتمر أو معرض أو مهرجان أو مبادرة، وغيرها من الفعاليات المحلية والدولية التي تقام في الدولة، على مدار العام وفي جميع الإمارات. وتتناول الفعاليات المحلية الموضوعات التي تهم أفراد المجتمع الإماراتي، وخصوصاً المهرجانات التراثية، التي تستقطب جميع الفئات العمرية لزيارتها والمشاركة فيها.
وتؤكد البريكي أنها من زوار المهرجانات التراثية الدائمين، لأنها الأقرب إليها كفتاة إماراتية والأكثر أهمية بالنسبة إليها، وتماثلها في الأهمية من وجهة نظرها الفعاليات الثقافية، تقول: زرت «معرض أبوظبي الدولي للكتاب»، وحضرت عدداً من المحاضرات الثقافية التي تقام في مجلس صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، وبعض الحلقات النقاشية في «مقهى كتاب»، والمهرجانات التراثية والفعاليات الثقافية، فقد كانت تجربة أكثر من رائعة، واستفدت منها الكثير.

ردم الفجوة

يؤكد سعيد علي المناعي، مدير إدارة الأنشطة في «نادي تراث الإمارات»، أن للمهرجانات دوراً إيجابياً في توفير حالة من التفاعل بين الجيل الجديد والماضي بشكل خاص، إضافة إلى إبراز الموروث الثقافي بشكل عام. ويشير إلى أن التراث يجب أن يكون تفاعلياً بين الطرفين: المرسل والمتلقي. وأن من أبرز أهداف المهرجانات التراثية، ردم الفجوة بين الأجيال، من خلال عرض التراث بشكل تتوافر فيه جميع عناصر الإبهار والجذب، العلمية والترفيهية. ويضيف أنه يقام في أنحاء الدولة عدد من المهرجانات التراثية، لكل منها خصوصيته، تنبع من القائمين على المهرجان وأهدافهم منه. متابعاً أن «مهرجان سلطان بن زايد التراثي للإبل» من أهم المهرجانات التي يقيمها «نادي تراث الإمارات»؛ إذ إنه ليس مهرجاناً مختصاً بالإبل فقط، لكنه تظاهرة لدعم التراث في مختلف جوانبه، حيث نجد اهتماماً بالمربين أصحاب الهجن، وبالأمور الاقتصادية المرتبطة بالإبل، ومباريات التنافس في الشعر، والسوق الشعبي الذي يعكس أنواع النشاط التراثي والاقتصادي القديمة، والفعاليات الرياضية المتعلقة بالإبل، وكل ذلك مما يحرص على متابعته الشباب والأسر الإماراتية. ويلفت المناعي إلى فعالية تراثية مهمة أخرى، يقيمها النادي، هي «ملتقى السمالية» الربيعي والصيفي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"