عايض القرني في باريس

من أسبوع لأسبوع
13:10 مساء
قراءة 3 دقائق

الدكتور عايض القرني من علماء السعودية الأجلاء، أو من علماء السعودية الذي لا يشبهه غيره، على الرغم من انني من المعجبين به وبمؤلفاته الثرية النافعة، فإنني أعجبت به هذه المرة أكثر عندما قرأت له مقاله المنشور في صحيفة الشرق الاوسط مؤخراً.

ذهب الشيخ الدكتور عايض القرني إلى باريس في فرنسا التي حكمها ديجول وشيراك، ليعالج داء الركبة، وهناك أذهله ما تلقاه من ترحاب ومعاملة بلطف وأدب وأمانة، من الغربيين الذين كان يظن انهم في حاجة إلى من يعلمهم طريقة معاملة الناس بالحسنى.

لكنه وجدهم قمة في الأخلاق والأدب والإنصاف وغيرها من القيم التي نادى بها الإسلام، فتذكر عندئذ الإمام محمد عبده الذي قال يوم ذهب إلى الغرب: وجدت في الغرب إسلاماً من غير مسلمين، ولما عدت الى الشرق وجدت مسلمين من غير إسلام.

نعم.. يقول الشيخ القرني في إزاء تلك الرقة الحضارية التي وجدها عند الغربيين: نحن العرب مجتمع غلظة وفظاظة إلا من رحم الله، فبعض المشايخ وطلبة العلم - وأنا منهم - جفاة في الخلق وتصخر في النفوس، فالعالم منا اذا سألته اكفهر وعبس وبسر، والجندي يمارس عمله بقسوة، ومن الأزواج من هو أسد هصور على زوجته وخارج البيت نعامة فتخاء.

ثم يقول: إننا في حاجة إلى معهد لتدريب الناس على حسن الخلق، لقد رأيت الرجل الفرنسي نسأله عن الطريق ونحن في سيارتنا، فيوقف سيارته ويخرج الخارطة وينزل من سيارته ويصف لنا الطريق.

وكنا نمشي في الشارع والامطار تهطل، فيرفع أحد المارة مظلته على رؤوسنا، ونتزاحم عند الفندق فيؤثروننا على انفسهم مع كلمة آسف.

أما نحن العرب اذا سئلنا غضبنا ولعنا، اين نحن من منهج القرآن الذي يقول: فأصفح الصفح الجميل، ويقول: ولا تمش في الارض مرحا، ويقول الحديث: الراحمون يرحمهم الله، ويقول: لا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تحاسدوا.

ثم يقول الشيخ القرني: عندنا شريعة ربانية مباركة، لكننا كما يقول العالم الهندي: المرعى أخضر لكن العنز مريضة.

أقول لك ايها الشيخ الجليل: انني اتفق معك، ولا ألوم اهل الدنمارك اذا تطاولوا على الرسول صلى الله عليه وسلم، لأننا نحن السبب في تلك الاساءات، فالدنماركيون ليسوا من اصحاب الرسول حتى يجدوا في انفسهم المكانة العظيمة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وغاية ما يعرفون عنه انه نبي عربي، ونحن العرب الجفاة أهله وأتباعه، فاذا كنا نحن هكذا من الهمجية فإنه مثلنا ايضا وهو الذي امرنا بحمل هذه الاحقاد الدفينة على الانسانية.

نعم.. هكذا يعتقدون وحاشا ان يكون الرسول كذلك، لكن أليس الرسول قال في حديث: من الكبائر شتم الرجل والديه، قالوا يارسول الله وهل يشتم الرجل والديه؟

قال نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه متفق عليه.

إنني اليوم ألاحظ بعض خطباء الجمعة عندما يرفعون ايديهم بالدعاء يختمون الدعاء بقولهم: اللهم زلزل الكفار واهدم عليهم بيوتهم ويتم أولادهم.

ياترى كيف يكون وقع هذا الدعاء على غير المسلمين عندما يسمعون الخطيب وهو يقف على منبر رسول الله: ألا يفهمون أن الرسول هو الذي علمه هذا الدعاء؟ ألا يحقدون على الرسول وعلى الإسلام؟

إذن أنا مع الشيخ القرني في أننا في حاجة إلى مراجعة انفسنا، وتهذيب سلوكنا قبل ان نوجه الشتائم الى دول الغرب التي لولاها اليوم لعاشت بلاد الشرق في ظل الفوانيس الزيتية، ولم يزالوا يركبون الحمير ويعتبرون الكي بالنار هو العلاج.

www.arefonline.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"