خطر انقراض خيال الظل

04:14 صباحا
قراءة دقيقتين

علاء الدين محمود


يظن كثيرون أن مسرح عرائس الدمى، إنما هو لعبة شعبية مخصصة ومصممة للأطفال، وقد شاع هذا الأمر لوقت طويل، وربما كان ذلك من الأسباب التي حالت دون البحث بشكل متعمق في مصادره وأهدافه ومضامينه، فالشاهد أن هذا النوع من المسرح وظف عربياً في على المستويين السياسي والاجتماعي، وكان يقوم بوظيفة النقد، فهو يعتبر من أقدم الأشكال المسرحية الشعبية التي عرفها العالم العربي؛ لذلك كان من الممكن أن يجد اهتماماً أفضل؛ لأن العرب عرفوه منذ ما يقارب ثمانية قرون، حيث نقلوه عن الصين والهند، ويعود أصله إلى اليونان القديمة، غير أن العرب لم يكتفوا فقط بنقل هذا الفن؛ بل ذهبوا به نحو آفاق جديدة تجاوزت مسألة العرض للإمتاع فقط، حتى إن بعض النقاد أطلقوا عليه صفة مسرح العرب في مقابل المسرح اليوناني.

وقد وظف هذا المسرح في التعبير عن القضايا الاجتماعية، وقام بمهمة النقد السياسي والاجتماعي وحتى التاريخي، وذلك في قالب فكاهي بسيط. ولعله من المفيد التطرق دائماً إلى قضية مسرح الظل، خاصة في ظل الجدل حول خُلوِّ الموروث العربي من أشكال التعبير المسرحي.

ويشير نقاد مسرحيون إلى دور فن خيال الظل في ظهور فن السينما، حيث إن مسرح خيال الظل هو لعبة إنارة وإظلام، وهو يتفرّع إلى عدة أشكال مثل ظل جسد الممثل، وظل اليدين، وظل الأشياء أو ظلال الدمى المسطحة أو عرائس خيال الظل، وبذلك فهو أيضاً تم توظيفه في تقنيات المسرح الأدائي، ويعتبرونه من أصعب الفنون المسرحية؛ إذ يتطلب عدة مهارات متكاملة.

فإضافة إلى القدرة على التحريك، يتطلب دقة على مستوى التصوّر وتصميم الشخصيات وتجسيدها، وكتابة سيناريو خاضع لإمكانيات الظل. فصعوبته تكمن في أن المؤدي يشتغل على حركات تختلف عما يظهر على الشاشة.

لكن هذا الشكل المسرحي يعيش الآن على هامش أو طرف المسرح الأدائي المعروف، وقد حاول بعض المسرحيين العرب إيجاد أفق لخيال الظل من خلال «الملتقى العربي لفنون الدمى وخيال الظل» الذي عقد في القاهرة خلال العام الماضي، وقد شهدت مصر محاولات لاستعادة هذا الفن وتقديمه للجماهير من جديد، من خلال الفرقة التي أسسها الفنان نبيل بهجت من أجل هذا الغرض، وبالفعل فقد أقامت عدداً من المعارض وورش العمل.

هذا النوع من المسرح أدرج منذ عام 2011 في قائمة التراث الثقافي غير المادي لليونيسكو، وهو معرض للانقراض، ويحتاج إلى تكاتف هيئات ومؤسسات وجهود متخصصين لإنعاشه مرة أخرى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحفي وكاتب سوداني، عمل في العديد من الصحف السودانية، وراسل إصدارات عربية، وعمل في قنوات فضائية، وكتب العديد من المقالات في الشأن الثقافي والسياسي، ويعمل الآن محررا في القسم الثقافي في صحيفة الخليج الإماراتية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"