على ماذا يدققون؟

03:51 صباحا
قراءة دقيقتين
رائد برقاوي

عند الحديث عن تعثر بعض شركاتنا المساهمة العامة، علينا عدم إغفال جهة رقابية لها دور مهم في الحفاظ على أموال المساهمين، هي أصلاً مكلفة بمتابعة نشاط الشركة المالي، وأداء الرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارات ومدى صحة المعلومات التي يقدمونها في بياناتهم السنوية.
نتحدث هنا عن قصور أدوار المدققين الخارجيين ومسؤولياتهم وتغطياتهم على الإدارات ومخالفاتها، وتنبيه السلطات الرقابية الحكومية والمساهمين لهذه التجاوزات عبر التحفظ على بنود معينة في الميزانيات يعتقدون أنها تشكل مخالفات لمعايير محاسبة عالمية، خلافاً لما تسعى مجالس الإدارات لتبنيها لتكون لديها ميزانية صحية.
بعض من شركات التدقيق باتت تمثل غطاء لإدارات الشركات بدلاً من أن تكون عيناً للمساهمين والمستثمرين ولعملاء الشركات من بنوك وموردين ومؤسسات تمويل.
هؤلاء «يخونون الأمانة» بالتصديق على ميزانيات شركات مملوءة بالمخالفات من أجل البقاء في أعمالهم مقابل بضع مئات ألوف الدراهم فيما خسائر المساهمين بعشرات ومئات الملايين، وخسائر الاقتصاد الوطني بأضعاف ذلك.
السؤال هنا.. كيف نثق بالمدققين الخارجيين سواء كانوا إقليميين أو عالميين؟ وكيف نوجد آليات رقابة عليهم؟ وهل إذا كانت الرقابة قائمة تكون فعّالة لدرجة تجعلهم يرتدعون ويتوقفون عن تمرير شيء في الميزانيات وفقاً لرؤى التنفيذيين والماليين في الشركات من أجل الحفاظ على عقودهم لأعوام مقبلة.
بعض المدققين الخارجيين بدل أن يصبحوا صمام أمان للمساهمين تحولوا إلى مشكلة، وهذا أمر خطر يستدعي البحث والتدقيق فيه بجدية وحزم، فالمطلوب إعادة النظر بالكثيرين منهم حتى لو كانوا يحملون الصفة العالمية، فالحاجة ملحة لإعادة تصنيفهم ومراجعة قيد تراخيصهم، وفرض عقوبات عليهم، ولنبدأ بمراجعة مدققي الشركات التي تعاني خسائر ومخالفات وتجاوزات في أسواقنا.
ليس بالضرورة أن يكون الخمسة الكبار في عالم التدقيق كباراً، فهناك في النهاية بشر يعملون فيها، وهناك أصناف من البشر، منهم المستعدون لإغماض العين من أجل مكافآت ومزايا، ومن أجل تجديد عقود التدقيق ونيل رضا مديريهم، لضمان استمراريتهم.
لا نريد أن نحدد أسماء معينة، فالأسماء ممهورة على بيانات وموازنات الشركات المساهمة المتعثرة، وما على أجهزتنا الحكومية المعنية بالشأن الاقتصادي والمالي الاتحادية والمحلية، إلا تشكيل لجنة أو لجان للتدقيق على المدققين الخارجيين، للتأكد من مهنيتهم وكفاءتهم وأمانتهم، والتزامهم بالقوانين والمعايير العالمية، ومستوى ممارساتهم على مدى السنوات الماضية.
المدققون الخارجيون هم جزء مكون من «قرن الاستشعار» الذي تحدثنا عنه هنا الأسبوع الماضي، وعلى أجهزتنا الحكومية تفعيله لضمان أفضل الممارسات في أسواقنا..
الإمارات تستحق الأفضل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"