لماذا الإمارات في إفريقيا؟

00:37 صباحا
قراءة 4 دقائق

رائد برقاوي

لماذا تستثمر الإمارات، هذه الدولة الفتية، ما يزيد على 100 مليار دولار خلال عامين في القارة السمراء، لتصبح بهذه السرعة من أكبر المستثمرين العالميين إن لم تكن أكبرهم في هذه البقعة الجغرافية التي تعتبر الأفقر في العالم؟

خارطة المشهد الاستثماري العالمي تشير إلى أن الجميع يشرع أبوابه للاستثمارات الإماراتية، فالأخيرة عرف عنها الالتزام والاستقرار والقيمة المضافة والذكاء، لذا فإن معظم الأسواق تتهافت لاستقطابها سواء كمستثمر مرحلي أو استراتيجي، في الصناعات التقليدية وتلك الذكية، وفي الخدمات اللوجستية ومشاريع البنية الأساسية، وفي بقية المجالات المالية والتقنية.

ويبقى السؤال الذي يحاول الإعلام الأجنبي الإجابة عنه وتفسيره ضمن رؤيته وأجندته، لماذا تبني الإمارات علاقات استثمارية ومالية وتجارية وخدمية مع منطقة فقيرة متقلبة على غرار القارة السمراء؟ في مقابل مناطق شاسعة في العالم أكثر استقراراً وتنظيماً سواء سياسياً أو إدارياً أو سياسياً وأمنياً؟ وماذا تريد من هذا التوسع الاستثماري الذي قد يعتبره البعض مجازفة ويحمل مخاطرة كبيرة؟

الإمارات هذه الدولة الناهضة استطاعت عبر خمسة عقود أن تبني نموذجاً تنموياً واقتصادياً قل مثيله في العالم، ونسجت شبكة علاقات واسعة سياسية ودبلوماسية وإنسانية مع جميع الدول، ودعمتها بشراكات سلعية ومالية وخدمية وتقنية، فأصبحت خلال وقت قياسي ضمن قائمة المستثمرين الأساسيين في العالم، وفي نفس الوقت تصدرت أسواقاً عريقة في استقطاب الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد.

خارطة الاستثمارات الإماراتية في العالم سواء مباشرة في الموانئ والمطارات، أو من خلال الصناديق التي تمتلكها وتديرها وحجمها يتجاوز التريليون دولار، تشير أيضاً إلى أنها تصل إلى أقصى غرب العالم وشرقه، شماله وجنوبه، لدرجة أنك لا تفاجأ إذا زرت دولة صغيرة جداً أو بعيدة جداً لتكتشف أن الفندق الذي تقيم فيه أو الشارع الذي أوصلك من المطار أو موقف السيارات، تابع لشركة إماراتية.

وإذا عدنا إلى السؤال الأساسي، لماذا إفريقيا؟ فتكون الجغرافيا حاضرة في الإجابات حيث قرب الإمارات من القارة مسافة 4 أو 5 ساعات طيران توصلك إلى أكثر من ثلثي القارة، وهناك التاريخ الذي يربط المنطقة العربية بمجموعة واسعة من دول القارة السمراء منذ قرون، فيما الدعم الإنساني الإماراتي المقدّم على درجة كبيرة من الضخامة هو ما عزز العلاقات، ما يجعل الاستثمار يأخذ جانباً منه الدعم التنموي، بينما الفرص الاستثمارية واسعة النطاق ما زالت بحاجة إلى استكشاف، أما العلاقات السياسية فوصلت مع قادتها إلى مستويات متقدمة جداً، ولك أن تلقي نظرة على اللقاءات المتبادلة خلال حدث «إكسبو 2020 دبي».

تحدثنا الأرقام بحسب «أونكتاد» بأن إجمالي استثمارات الإمارات في إفريقيا يتجاوز 110 مليارات دولار، لتكون الإمارات رابع أكبر مستثمر أجنبي مباشر هناك بعد الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وعلى مدى عقد كامل (2013 - 2022) استثمرت الإمارات في إفريقيا 60 مليار دولار (من أصل 100 مليار إجمالي استثمارات خليجية).

وفي 2022 تعهدت بضخ 52.8 مليار دولار استثمارات مباشرة، وتصدرت تصنيف الاستثمار الأجنبي المباشر للمرة الأولى، متجاوزة مساهمات بكين بمقدار 20 مرة والولايات المتحدة ب7 مرات وفقاً لFDI Markets.

في آخر سنتين كان أكبر المستثمرين الأجانب في إفريقيا الإمارات 97 مليار دولار، ثم بريطانيا 41.9 مليار دولار، وفرنسا 32 مليار دولار، والصين 28.7 مليار دولار، فالولايات المتحدة 15 مليار دولار.

الإمارات تشكل المنفذ الأول لدول إفريقية كثيرة إلى العالم، وتحتضن على أرضها 45 ألف شركة إفريقية، فيما التبادل التجاري بين الطرفين من المرجح أن يصل إلى 50 مليار دولار.

وتوفر الإمارات للقارة الجارة ربطاً تجارياً مع العالم من خلال تطوير البنية التحتية للموانئ والمحطات اللوجستية على امتداد سواحل إفريقيا وفي الداخل من خلال شبكات السكك الحديدية. وتوجد موانئ دبي العالمية في أكثر من 50 موقعاً لوجستياً عبر 12 دولة إفريقية ولديها 9 موانئ ومحطات بحرية، واستثماراتها في القارة تجاوزت 3 مليارات دولار.

في المقابل توفر الدولة بقيادة ناقلاتنا الوطنية بوابة للسفر من إفريقيا وإليها من خلال شبكة نقل جوي تربط 25 مدينة إفريقية مع 170 وجهة حول العالم.

ولا تقف عند ذلك، فشراكات الإمارات في إفريقيا ليست تقليدية، بل هي شراكات للتنمية، ولدى «مصدر» خطط لاستثمار 10 مليارات دولار لزيادة قدرة توليد الكهرباء في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بمقدار 10 جيجاوات، فيما دشنت «أدنوك» دخولها الاستثماري مؤخراً من خلال حصة 10% في حوض روفوما للغاز في موزمبيق.

وفي السياق، وفي مجال التعدين قامت «العالمية القابضة» بشراء حصة في منجم موباني للنحاس في زامبيا ب1.1 مليار دولار.

دَيدَنُ الإمارات في إفريقيا، شريكاً استثمارياً تنموياً، داعماً للازدهار، محافظاً على العلاقات الدولية القائمة على الاحترام المتبادل والشراكات من أجل التنمية، ويقدّم يد العون والمساعدة عند الحاجة. الإمارات في إفريقيا هي الإمارات في كل بقعة من بقاع العالم.. وللحديث بقية..

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4f3csmbf

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"