يجب ألا يفاجأ المجتمع الاقتصادي من ظهور حالات شاذة بين فترة وأخرى، فالوفرة المالية الهائلة لا بد وان تفرز ظواهر سلبية أيضا من بينها الرشاوى والاحتيال واستغلال المناصب وغيرها من الآفات التي تصب في خانة الفساد، فمن المؤكد أن مفهوم المدينة الفاضلة ليس له وجود في العالم اجمع .
الحدث الاقتصادي الأبرز الذي تناقلته الصحف في نهاية الأسبوع الماضي هو ما كشفت عنه شركة ديار عندما أعلنت عن تحويل مسؤولها التنفيذي الأول إلى القضاء بتهمة ارتكابه مخالفات مالية تجري السلطات التحقيق حولها بشكل حيادي وعادل للتأكد من صحتها وإصدار الأحكام بشأنها بما يضمن حقوق الجميع بعيدا عن أي مؤثرات داخلية وإقليمية وأجنبية .
هذه القضية ترسل إشارات مباشرة إلى الأسواق المالية والاستثمارية والعقارية في الإمارات تتلخص في التالي:
أن الحكومة عازمة على ملاحقة الفساد أينما وجد مع ترسخ قناعات لدى الأجهزة المعنية بأن الفساد يجب تطويقه ومعالجته قبل أن يستشري ويعم حركتنا الاقتصادية فيدخل مجتمعاتنا في مشكلات عميقة كتلك التي تعيشها بعض الاقتصاديات العربية .
أن القانون فوق الجميع، وانه الحكم الفصل في أي قضية، فسيادته لا تفرق بين احد وهو ما يقرب الإمارات من الدول المتقدمة في التعامل مع هذه القضايا، ويبعدها بالتالي عن دول عربية يمتلك مسؤولوها سلطات تفوق القانون نفسه .
أن الشركات المساهمة العامة في البلاد ليست متروكة للتلاعب، فهناك سلطات تتابع أنشطتها وتضبط الخلل عند وقوعه وإن تأخر الأمر بعض الوقت فهذه الشركات رغم الأهمية الاعتبارية لمن يقودها وضخامة أعمالها وتشعبها إلا أنها ليست بمنأى عن المحاسبة، وهي تحت المجهر .
يجب الإدراك أن الإمارات هي الآن محط أنظار العالم، فيما شركاتها باتت تحظى باهتمامات واسعة من وسائل الإعلام العالمية الأمر الذي يدعونا إلى التفكير جديا بإيجاد أجهزة رقابية جديدة لا يقتصر عملها فقط على المؤسسات الحكومية بل يشمل الشركات المساهمة العامة .
أهمية الشركات العامة تتعدى حجم أعمالها لأن ملكيتها تعود لعشرات الآلاف من المستثمرين فيما تمثل في الوقت ذاته محورا أساسيا في الاقتصاد الوطني، ومن هنا فإن المحافظة عليها تدخل في إطار الأمن الاقتصادي .
فهل نرى تحركا بهذا الشأن من وزارة الاقتصاد والدوائر الاقتصادية المحلية قريبا؟ . وللحديث صلة . . .
