مؤشر التميز في ميزانية دبي الجديدة

02:00 صباحا
قراءة 3 دقائق

إذا أعلن بلد عن عجز في موازنته المالية بين إيراداته ومصروفاته، وبيّن أوجه الصرف الصحيحة، كما أوضحته، وكما هو الحال لميزانية إمارة دبي، للعام الحالي ،2011 فإن ذلك يعني الشفافية، ويعني الصراحة والوضوح في الطرح، ويعني أن الخلل لا يتخفى وراء ستار، وأن هناك اعترافاً صريحاً من الحكومة أن الناس من حقها أن تقف على شأن مهم من شؤونها، وهو الشأن المالي . هذا ما تقول به الشفافية في إدارة شؤون الناس، وهذا ما عودنا عليه الشيخ محمد بن راشد حفظه الله، فهو الرجل القوي الذي يتغلب على أي ضعف قد تولده الظروف في جسم الإدارة الحكومية، ويشير بكل شجاعة إلى الخطأ و الصواب بأصابع لا تخطئ في تحديد مكان هذا الخطأ والصواب، ويعطينا الشيخ محمد بن راشد الثقة، بأن الأمور ليست فالتة، وأنها - أي هذه الأمور- تحت السيطرة . ومثل هذه الثقة في غاية الضرورة لحصول الاطمئنان في النفوس . وفكرة وضع الميزانية نفسها، وكذلك شفافيتها تثير هذه الثقة بين الناس، وتجعلهم على دراية بأوجه الدخل والصرف، وما هي الحدود التي يقفون على مشارفها في إدارة أمورهم الخاصة والتخطيط لها، وتنشيط الاقتصاد والتجارة في البلاد .

وبالرغم من الأحداث التي أظهرت جوانب من السلب والإيجاب في العمل العام، من تلكم التي كشفت أغطيتها الأزمة المالية العالمية منذ عامين تقريباً، لكن الشيء الجيد أن إدارة الشيخ محمد بن راشد في دبي على وجه الخصوص، ظلت تعمل بتوازن ملحوظ بين الحفاظ على المكتسبات التي أولدتها التنمية الكبيرة خلال الخمسة عشر عاماً السابقة للأزمة، وبين المؤشرات غير الإيجابية التي ظهرت على السطح بعد الأزمة، ويسرت التعرف إلى مكامن الخلل الذي نجم عن سوء التدبير والعبث من قبل أفراد أثبتت التجارب عدم جدواهم إدارياً وسلوكياً في تحمل المسؤولية، وبإبعاد هؤلاء عن الإدارة، أصبحت الموازنة العامة أكثر إثارة للثقة والاطمئنان، وبالتالي أكثر تشجيعاً للناس في تأييد الإجراءات الإصلاحية، والمضي بها لتحقيق التنمية الصحيحة ومحاسبة الخلل والمخلين .

وما من شك في أن أهم نقطة ترتكز عليها الإدارة الجيدة، هي الإدارة المالية لأي مؤسسة عامة أو خاصة، وإذا أصاب الإدارة المالية سوء أو خلل، فإن السوء والخلل يصيبان البلد بأكمله، حتى المؤسسة الخاصة عندما تكون إدارتها المالية سيئة، ينجم عن ذلك ضعف ثقة في التعامل بين الناس، وتصبح الثقة المشتركة مصابة بالتردد والخوف من التعامل . والإنسان الأمين الجيد تحمد سيرته، عندما يكون مسؤولاً عن المال والمحافظة عليه بأمانة، والمال علامة لقدرة الإنسان على التغلب على وساوس الشر التي لا تضلل في نهاية الأمر إلا ضعفاء النفوس .

ويحسن بنا جميعاً أن نشير إلى أن ميزانية حكومة دبي رغم العجز والفارق بين المحصول والمصروف، والبالغ ما يقارب أربعة بلايين من الدراهم، فإن حكومة دبي تحت إشراف وإدارة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لم تشر إلى الإنقاص في الصرف على المشروعات ذات المنفعة العمومية، وهي مشروعات البنى التحتية مثلاً، التي خصصت لها أرقاماً مميزة، وهذا دليل على أن الشيخ محمد، يصر على المضي في عزيمته التي لا تلوي على شيء من الصعاب، وأن التنمية ومواصلة العمل من أجلها هدف أساسي في إدارة الشيخ محمد بن راشد، وبهذا الإصرار، يتم التأكيد على أن دبي ستظل كما كانت بلد المال الوفير، وبلد التجارة الوفيرة، وبلد الخدمات الجيدة الوفيرة، وفوق هذا كله بلد المجتمع المدني الذي لا يشعر فيه الإنسان، الإنسان أيا كان، بالبعد عن المدنية المتوفرة في أرقى البلدان .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"