القمة الإفريقية الاقتصادية

03:28 صباحا
قراءة دقيقتين
عقدت قبل يومين في شرم الشيخ القمة الإفريقية الاقتصادية بحضور قادة ومسؤولين ورجال أعمال إفريقيين. وسادت هذه القمة أجواء من التفاؤل في ضوء معدل النمو الاقتصادي المرتفع لهذا العام والعام المقبل، وهو معدل يزيد كثيراً عما تشهده أوروبا والولايات المتحدة. وهذا شيء جيد لكنه لا يكفي.. لأن معدل النمو قد لا يعكس بالضرورة تطوراً مستداماً، ولأن النمو قد لا يصاحبه توزيع عادل للدخل.
فإفريقيا تواجه تحديات كبيرة في الأمن والفقر والمرض وغيرها. وهو إرث مساهمة الأفارقة فيه محدودة، ولكن مساهمة الأوروبيين فيه عظيمة. فهذه القارة رزحت لقرون في ظروف الاستلاب الاقتصادي الأوروبي، حيث خسرت الكثير من أبنائها الذين استعبدهم الأوروبيون ونقلوهم إلى القارة الجديدة، وخسرت الكثير من مواردها التي اغتصبتها الشركات الأوروبية.
هذا الاستلاب حفر في القارة أخاديد عميقة من الفقر، والجهل، والفتن ما زالت القارة تعانيها. القارة الإفريقية التي تريد أن تلحق بالمستقبل تواجه تحديات داخلية بعضها استفزته التركة الأوروبية التي قسمت إفريقيا والكثير منه خارجي. فالصراعات القبلية، والتطرف الديني، والاقتتال بين البلدان ليس منبت الصلة عن تاريخ القارة. كما أن الهجمة الجديدة للشركات الكبرى على القارة تفوح منها نفس الرائحة التي فاحت في الماضي، أي التوجه نحو استغلال المصادر الطبيعية. فما نشهده من صراع بين القوى الأوروبية والأمريكية والصينية هو صراع حول استغلال مواردها.
وهذا الاستغلال قد يؤدي إلى النمو ولكنه لا يؤدي بالضرورة إلى التنمية. فزيادة الناتج قد يذهب معظمها إلى الشركات المستغلة، ولا يبقى إلا القليل للبلدان التي تملكها. وحينما لا يبقى إلا القليل فما عسى هذه البلدان أن تفعل بسداد ديونها المتراكمة عليها. وحينما لا يبقى إلا القليل فكيف تستطيع هذه البلدان أن تطور بناها التحتية الاقتصادية والاجتماعية.
قدرة القارة الإفريقية على تجاوز تكرار الماضي يعتمد على قياداتها بالدرجة الأولى، كما هي مسؤولية البلدان التي سببت الضنك فيها. فقيادات إفريقيا ينبغي أن تعمل من أجل وضع سيناريوهات تضع الأولوية لأن يختلف نمط استخدام مواردها عما ألفته من قبل، أي أن تكون هذه الموارد قاعدة لصناعات قائمة على أرضها لا خارجها.
كما أن مسؤولية البلدان المسؤولة عما أحدثته في إفريقيا من مآس أن تعمل بصدق من أجل تشييد البنى التحتية فيها التي لا يمكن لاستراتيجية التصنيع أن تنطلق من دونها. ولن يتم النجاح لأي استراتيجية سواء لبناء الصناعة أو تشييد البنى التحتية من دون أن تكون هناك استراتيجية حقيقية لتكوين العمالة الماهرة الضرورية لهما.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"