"داعش" و"إيبولا"

05:07 صباحا
قراءة دقيقتين
ما الفرق بين "داعش" و"إيبولا"؟ لا فرق إلا في الاسم، مثل الفرق بين "الطاعون" و"الكوليرا" . كلاهما يحمل سمات الوباء القاتل في تلافيف تكوينه، والسم الزعاف الذي لا ترياق له ولا مصل يشفي منه .
وباءان قاتلان عابران للحدود، تحيطهما الطلاسم والأسرار، وقد عجز العقل البشري حتى الآن عن تحديد سبل ووسائل مواجهتهما والقضاء عليهما بشكل ناجع . يجرب ما لديه، لكنه لم يتمكن منهما، بل يواصلان انتشارهما وخطرهما يزداد .
"داعش" مثل "إيبولا"، كان العالم يعرف بهما، لكنه استصغر شأنهما وخطرهما، بل وفي بعض الأحيان كان يريدهما ويغض الطرف عنهما، طالما هما يفتكان في مناطق بعيدة .
كان الغرب لا يعير اهتماماً ل"داعش" وإخوته من تنظيمات الإرهاب والتطرف والقتل، طالما هم يؤدون أدواراً محمودة تخدم سياسات وأهداف التمزيق والتفتيت . كان هذا الغرب يصمّ الآذان عن الأصوات التي ترتفع محذرة من خطر داهم لن يقتصر على ديار العرب والمسلمين، بل كان يرسل المدد والعون اعتقاداً منه أن دياره ومواطنيه في مأمن، وأن لا خطر يأتي ممن تم إرضاعه والعناية به .
لكن، ما أن تم ذبح أمريكي وبريطاني، حتى أدرك هذا الغرب وخصوصاً الولايات المتحدة أن من يرعى أفعى لن يحصل على بوليصة تأمين من لدغها، واستفاق مذعوراً يبحث عن وسيلة لحمايته من خطر لا يوفر أحداً، وأخذ يبحث عن تحالفات ودول تخوض معه معركة كان يتفرج قبل عملية الذبح على نارها وضحاياها .
"إيبولا" أيضاً تعامل الغرب معها ببرودة وعدم اهتمام . . كان هذا الوباء يعرفه ويعرف مخاطره منذ أن ظهر للمرة الأولى العام ،1976 لكنه تجاهله ما دام يفتك بالمساكين والفقراء في أرض بعيدة على ضفاف القارة السمراء، حتى أن مراكز الأبحاث والشركات والمعاهد العلمية المعتبرة التي تجهد عادة لاكتشاف الأدوية، لم تأخذ "إيبولا" مأخذ الجد، ولم تكلف نفسها عناء البحث عن دواء له .
لكن، عندما بدأ هذا الوباء يتجاوز حدود إفريقيا ويضرب في الولايات المتحدة وأوروبا، استفاق الجميع وأدركوا الخطر، وبدأوا يضربون أخماساً بأسداس ويبحثون عن طرق ووسائل مواجهته، ويرصدون الميزانيات ويعدون الجيوش لمواجهته .
لا فرق بين "داعش" و"إيبولا" . . وباءان يهددان العالم والحضارة والإنسان والقيم . . تحتاج مواجهتهما إلى استراتيجية عالمية وجهد دولي مشترك يجتثهما من الجذور بلا استنسابية أو نظرة قاصرة .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"