أدلة ثبوت النسب (2-2)

02:34 صباحا
قراءة 3 دقائق
تحدثنا في المقال السابق تحت هذا العنوان نفسه عن أنواع الأنكحة الأربعة: النكاح الصحيح، والفاسد، والوطء بشبهة، والنكاح الباطل، وذكرنا ما اشترطه الفقهاء لثبوت نسب الطفل من أبيه.

وفي هذا المقال سنبين أدلة ثبوت النسب، وقد ذكر الفقهاء الفراش والقيافة والدعوة (بكسر الدال) والحمل والبينة والإقرار والقرعة والسماع وحكم القاضي وبدعوى الحسبة.
1- الفراش: يراد به الوطء وقد قال الحديث: «الولد للفراش وللعاهر الحجر»، وورد أيضاً أنه اختصم سعد بن أبي وقاص وعبدالله بن زمعة في غلام فقال سعد: هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة عهد إليّ أنه ابنه، انظر إلى شبهه، وقال عبدالله بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله ولد على فراش أبي، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم شبهه فرأى شبهاً بيناً بعتبة فقال: «هو لك عبد، الولد للفراش وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة»، قالت: فلم ير سودة قط (رواه البخاري ومسلم).
2- القيافة: وقد قال بها الجمهور إذا لم يوجد دليل أقوى منها، والحنفية قالوا: لا يثبت النسب بقول القائف.
3- الدعوة: (بكسر الدال): أي ادعاء الولد الدعيّ الذي لا يعرف له أب، والجمهور على أن دعوة السيد لا يؤخذ بها في ثبوت نسب المستولد من أمته، لأن الأمة لا تصير فراشاً إلا بالإقرار بالوطء، وذهب الحنفية إلى ثبوت النسب إذا ادعى السيد أن ما ولدته أمته منه (انظر الكافي لابن عبدالبر ج 2 ص 981، والقليوبي ج 4 ص 62 والمغني ج 9 ص 588 و584، والبدائع ج 4 ص 125).
4- الحمل: وله حد أدنى وحد أعلى، واتفق الفقهاء كلهم على أن الحد الأدنى للحمل ستة أشهر، لكنهم اختلفوا في الحد الأعلى فالشافعية والحنابلة والمالكية في قول على أن أكثر مدة الحمل أربع سنوات، وذهب الأحناف وأحمد في قول إلى أن أكثر مدة الحمل سنتان، والقول المشهور عند مالك أنها خمس سنين (انظر بداية المجتهد ج 2 ص 372 وروضة الطالبين ج 2 ص 141- 142، والمغني ج 7 ص 477 و483، وحاشية ابن عابدين ج 2 ص 623).

5- البينة: وهي عند الجمهور شهادة رجلين عدلين، لأن النسب ليس بمال ولا يطلع عليه إلا الرجال، وقال بشرط رجلين الجعفرية أيضاً، وعند أبي حنيفة يثبت النسب بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين، واتفق الجميع على أنه لا يثبت بشهادة عدل واحد ويمين ولا بشهادة امرأتين ويمين (انظر فتح القدير ج 6 ص 7 وجواهر الإكليل ج 2 ص 304 والجمل ج 5 ص 394، وبداية المجتهد ج 2 ص 360).

6- الإقرار ويثبت به النسب باتفاق الفقهاء مع اختلاف في التفاصيل.

7- القرعة: وقال فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية وظاهر مذهب الحنابلة إن القرعة لا يؤخذ بها في النسب عند الاشتباه.
8- السماع: أخذ به جمهور الفقهاء للضرورة، ويقول ابن المنذر: ولو اعتبرت المشاهدة شرطاً لما عرف أحد أباه ولا أمه ولا أحداً من أقاربه (انظر حاشية ابن عابدين ج 4 ص 375 ومواهب الجليل ج 6 ص 194، وروضة الطالبين ج 11 ص 266 والمغني ج 12 ص 24) واشترط الحنفية في الأخذ بالسماع في ثبوت النسب أن يكون النسب مشهوراً بل حتى المالكية قالوا بمثل هذا.
9- حكم القاضي: وهو يحكم بما اشتمل به مجلس حكمه، ومتى حكم بمقتضاه ارتفع الخلاف.
10- دعوة الحسبة: بأن يتقدم إلى القاضي بالدعوى بالشهادة لديه، وقد ذهب الشافعية إلى قبول شهادة الحسبة في حقوق الله والنسب من حقوق الله تعالى: (انظر القليوبي ج 4 ص 367) أما الجمهور فقالوا إن النسب حق لآدمي وحقه لا تقبل فيه شهادة الحسبة (انظر بدائع الصنائع ج 4 ص 111 وحاشية الجمل ج 5 ص 386 والمغني ج 9 ص 215 و238).

د. عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"