إثبات شرف النسب من جهة الأم (1-2)

02:42 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

قال لي أحدهم في جمع من الحضور من بينهم أحد السادة المنتسبين إلى الإمام الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما: يا شيخ نحن نعرف أن النسب يصح من جهة الأب، وهؤلاء السادة يقولون إنهم سادة هاشميون مع أن الصحيح أن يكونوا علويين لأنهم ينتسبون إلى علي بن أبي طالب من جهة الأب.
قلت له: هلا سألتم أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، علم الأنساب علم مستقل فينبغي ألا يخوضه إلا من كان من أهله، والمسائل عموماً ينبغي أن لا يفتي فيها إلا أهل الاختصاص وفوق كل ذي علم عليم.
ثم رفقاً بالسادة الحسنية والحسينية فإن لهم شرفاً لا يعلوه أي شرف، وقد روى المتقي الهندي في كتابه «كنز العمال» في سنن الأقوال والأفعال، وذكر المناوي في فيض القدير في شرحه على الجامع الصغير للسيوطي.
وذكر ابن حجر الهيثمي في صواعقه حديثاً اخرجه الطبراني عن جابر والخطيب عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه، وجعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب).
وروى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في «فضائل الصحابة» عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه خطب إلى علي كرم الله وجهه أم كلثوم فقال: انكحنيها، فقال علي: إني أرصدها لابن أخي جعفر، فقال عمر: انكحنيها فو الله ما من الناس أحد يرصد من أمرها ما أرصد.
قال: فأنكحه علي رضي الله تعالى عنه فأتى عمر المهاجرين وقال: ألا تهنئونني؟ فقالوا: بمن يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر رضي الله تعالى عنه: بأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابنة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم قال عمر: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة إلا ما كان من سببي ونسبي»، فأحببت أن يكون بيني وبين رسول الله سبب ونسب. (انظر فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ج 2 ص 625).
وقد روى الحاكم عن أحمد بن حنبل هذا الحديث في كتابه «مستدرك الحاكم» ج 3 ص 142، كما روى مثله الطبري في كتابه «ذخائر العقبى» ص 168، ورواه الذهبي في «التخليص» ج 3 ص 142 (هامش المستدرك).
يقول الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى: «ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاً هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين، وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين، وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلا فضلنا على العالمين» (الآيات من 84 - 86 من سورة الأنعام): «وعد عيسى عليه السلام من ذرية إبراهيم وإنما هو ابن البنت، فأولاد فاطمة رضي الله تعالى عنهم هم ذرية النبي صلى الله عليه وسلم» وبهذا تمسك من رأى أن ولد البنات يدخلون في اسم الولد.
ثم يقول: «قال ابن القصار: وحجة من أدخل البنات في الأقارب قوله عليه الصلاة والسلام للحسن بن علي رضي الله عنهما: «إن ابني هذا سيد»، ولا نعلم أحداً يمتنع أن يقول في ولد البنات إنهم ولد لأبي أمهم، والمعنى يقتضي ذلك لأن الولد من التولد وهم متولدون عن أبي أمهم لا محالة، والتوالد من جهة الأم كالتولد من جهة الأب».
ثم يقول: «وقد دل القرآن الكريم على ذلك قال الله تعالى: «ومن ذريته داوود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين، وزكريا ويحيى وعيسى والياس كل من الصالحين، وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين»، فجعل الله تعالى عيسى عليه السلام من ذرية إبراهيم عليه السلام وهوابن ابنته». (انظر جامع القرآن للقرطبي ج 7 ص 31-32) وللحديث بقية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"