الرجعة.. حق للزوج أم للزوجة؟

02:46 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

قالت لي إحدى السائلات: طلقني زوجي طلقة واحدة، وبعد عشرة أيام قال: راجعتك إلى عصمتي، قلت له: ولو أني لا أريدك؟ قال: أنت زوجتي، تقول السائلة: ما حكم الشرع في هذه الحالة؟
نعم.. يقول الفقهاء: إن الرجل إذا طلق زوجته في المرة الأولى طلقة واحدة حسبت طلقة رجعية أي: من حق الزوج أن يعيدها إلى عصمته من غير عقد ولا مهر ما دامت في العدة.
وإذا طلقها للمرة الثانية طلقة واحدة أيضاً، حسبت تلك الطلقة الرجعية الثانية، وللزوج أن يراجعها بالطريقة التي أتبعت في المرة الأولى، لقول الله تعالى: «..وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا»، (الآية 228 من سورة البقرة).
ولو طلقها للمرة الثالثة طلقة واحدة، فإنها تكون المكملة للثلاث، ولا يحق له أن يراجعها لا في العدة ولا بعد العدة، إلا إذا تزوجت بآخر وطلقها الزوج الثاني بإرادته. فيجوز أن يعود إليها بعقد ومهر جديدين كالمرة الأولى لمّا تزوجها، والطلقات الثلاث لا تحسب عليها طالما تزوجت وطلقت من الزوج الثاني.
والرجعة تتحقق بإحدى الصيغتين: إما بالقول فيقول لها: راجعتك إلى عصمتي، وإما بالفعل كأن يجامعها بنية الرجعة، وبعض الفقهاء يقول: حتى لو جامعها من غير نية، لأن الفعل نفسه يعد كافياً، وإلا ماذا كان يقصد بذلك الجماع؟ هل قصد أن يزني بها؟
وفي قانون الأحوال الشخصية في دولة الإمارات: لو طلقها الزوج بالثلاث بلفظ واحد عدت طلقة واحدة رجعية (انظر المادة 103 من القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 البند رقم 3: لا يقع بالطلاق المتكرر أو المقترن بالعدد لفظاً أو كتابة أو إشارة إلا طلقة واحدة.). والطلاق الرجعي متى وقع لا ينهي العلاقة الزوجية بينهما طالما هي في العدة، فتبقى الزوجة المطلقة مع الزوج في البيت نفسه، ويأكلان مع بعض، ويتحدثان مع بعض، وينامان في حجرة واحدة، ويجوز لها أن تتزين له إذ ربما يكون ذلك أسرع إلى قلبه لو أراد الرجوع.
يبقى بعد ذلك أن نفهم هل الرجعة حق للزوج أم للزوجة أم لهما معاً؟ أقول: حق الرجعة حق للزوج دون المرأة. لذلك فإنه يراجعها من غير أن يخبرها ومن غير أن يستأذن ولي أمرها، وعلى الزوجة أن تعود إليه شاءت أم أبت.
هذا ما قرره الفقهاء حسب الشرع، لكنني أقول: إن الإكراه غير محبب لا من الرجل ولا من المرأة، فالرجل أي الزوج لا يكره شرعاً على أن يعيد مطلقته إلى عصمته، ولو فعلوا ذلك معه لم تصح الرجعة.
وتقتضي العدالة والإنصاف أحياناً ألا تكره الزوجة أيضاً على الرجعة، إذ إننا من خلال عملنا في المحاكم وجدنا أن بعض الرجال يفعل ذلك من باب الانتقام، فيعيدها إلى عصمته ويجعلها معلقة لا يعاشرها أو أنه يتزوج عليها أو يستغل معاشها، المهم أنها تقع في ظلمه، ولو بقيت مطلقة لكان أرحم بحالها.
ولا ننسى أن نقول: إن الرجعة لا تحتاج إلى عقد ومهر ولا إلى محاكم، لكن من السنة إشهاد رجلين على مراجعته لزوجته المطلقة، إذ ربما ينسيان تاريخ الطلاق أو تاريخ الرجعة، وربما الزوج أو الزوجة ينكران أو تنكر الطلاق.
لذلك فإنه من الأفضل لهما أن يشهدا رجلين على وقوع الطلاق وحدوث الرجعة خارج المحاكم أو إثبات ذلك في المحاكم، لأن مثل هذه الأمور يترتب عليها الحلال والحرام في المواريث وفي إثبات النسب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"