حكم الخلوّ

02:48 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عارف الشيخ

الخلو مبلغ من المال غير قيمة الأثاث الموجود بالمحل وغير الإيجار الجديد للمحل، يطلبه صاحب المحل مقابل إخلائه المكان أو المحل أو الدكان عند بيع المحل، وهذا المبلغ يخضع لرغبة صاحب المحل بل رحمته.
ومن الناس من يطلب الخلو مبلغاً معقولاً عند إخلائه المحل، لأنه لا يريد أن يخسر المكان أو الأثاث بكامله، ومن الناس من يستغل الفرصة أو شهرة محله أو قدرات المشتري الجديد المالية فيطلب مبلغاً خيالياً.
يا ترى ماحكم الشرع في هذا المبلغ الذي يطلبه صاحب المحل عند إخلائه له، أو ما يطلبه المشتري أو المستأجر الجديد لذلك المحل؟
أقول: إن الفقهاء تحدثوا عن الخلو صراحة فقالوا إنه حق مقرر شرعاً للمستأجر قبل أن ينتهي العقد الذي بينه وبين مالك الأرض أو المحل.
وقد ذكر العلاّمة الدسوقي من المالكية فقال: «بخلاف مالك المنفعة فإن الشارع جعل له الانتفاع بنفسه وبغيره كالمالك والمستأجر والمستعير فلكل منهم أن يؤجر وأن يهب وأن يعير كما له أن ينتفع به بنفسه».
وذكر الشيخ عليش في «منح الجليل في شرح مختصر الخليل»: «الخلو من ملك المنفعة لا من ملك الانتفاع، وهو اسم للمنفعة التي يملكها دافع الدراهم لناظر الوقف».
ومن المعروف أن من يملك المنفعة يجوز له أن يتنازل عنها لشخص آخر مقابل مبلغ من المال.
وهذه الأحقية مشروطة بشرط أن يكون العقد السابق بين المستأجر الأول ومالك الأرض أو المحل ساري المفعول، وإلا فإن حق المستأجر في الخلو يسقط، والمحل يرجع إلى المالك وهو أحق بالانتفاع بملكه.
والخلو في بعض البلاد يسمى بالقفلية وفي بعض البلاد كالمغرب يسمى بالمفتاح، وآخرون يسمونه بخلو الرجل.
ولقد جاء قرار مجمع الفقه الإسلامي في إحدى دوراته ليوضح مسألة الخلو أكثر وأكثر فقال: «يجوز اتفاق المالك والمستأجر على أن يدفع المستأجر للمالك مبلغاً من المال زائداً على الأجرة، وهو ما يسمى بدل الخلو أو خلو الرجل ومنهم من يسميه المفتاح، وقد يكون المقصود بالخلو الحق التجاري».
لكن جواز دفع هذا المبلغ مقيد بأن يعد جزءاً من المدة المتفق عليها، وإذا انفسخت الإجارة استرجع المستأجر منه ما ينوب باقي المدة.
وقد فهم الفقهاء من هذا القرار أن صحة إجارة المنفعة متوقفة على كون المستأجر الثاني الذي يدفع الخلو يستخدم المحل في مثل النشاط التجاري الذي كان يستخدمه المستأجر الأول أو فيما هو أقل ضرراً.
كما يشترط في صحتها أن يكون المالك على علم بذلك وراضياً بذلك الخلو الذي سمي بالمفتاح أو خلو الرجل.
ومن أدبيات التعامل في الفقه الإسلامي في مثل هذا الموقف ألا يترك المستأجر الأول المحل لعيب في المحل، وإذا أراد أن يخلي المحل فمن حسن الأدب والخلق الإسلامي أن يتحلى بالشجاعة ويبين سبب إخلائه، لأن الدين النصيحة والمسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يظلمه ولا يغشه، والحديث يقول: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"