هل المهر شرط في صحة النكاح؟

04:42 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

المتعارف عليه عند الناس أنه في مجلس عقد النكاح وأمام المأذون الشرعي يحضر الزوج وولي أمر البنت والشاهدان، فيحدد ولي أمر البنت مقدار الصداق المقدم منه والمؤخر، ثم يتم الإيجاب والقبول من خلال صيغة النكاح المعروفة على مهر مقدر ويكتب في وثيقة العقد أمام الشاهدين.
هذا المهر الثابت بالكتاب والسنة والإجماع ليس شرطاً من شروط عقد النكاح في الشرع، وإنما هو حكم من أحكام العقد الصحيح وأثر من آثاره يجب للزوجة على زوجها عاجلاً أو آجلاً ولا يسقط إلا بالإبراء لأنه دين في ذمة الزوج.

فلو عقد المأذون وتم الإيجاب والقبول من غير ذكر المهر صح العقد، بل حتى لو تزوجها على أن لا مهر لها صح النكاح، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء الذين يعتبرون أن المهر ليس ثمناً للمرأة يدفعه الزوج إليها.

ولو كان كذلك لكان شرطاً من شروطه كما في الثمن في عقد البيع، وإنما هو هدية تكريم من الزوج لزوجته، وفيه دليل على جدية الزوج في هذا الزواج، لأنه لا يبذل المال لو لم يكن راغباً في الزواج من هذه المرأة.

والدليل على صحة النكاح من غير مهر أو أو عدم تسميته عند العقد قوله تعالى: «لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين» (الآية 236 من سورة البقرة).

فكونه لا جناح على المطلق قبل الدخول وقبل فرض المهر، والطلاق لا يكون إلا بعد قيام الزوجية الصحيحة يدل على أن المهر ليس شرطاً لصحة النكاح.
أما المالكية فإنهم يرون أن ما يعطي الزوج لزوجته هو في مقابل الاستمتاع بها، ولذا قالوا بأن العقد إذا لم يتم فيه المهر أو تزوجها من دون مهر فإن ذلك النكاح فاسد، وحجتهم أن القرآن الكريم سماه أجراً في مقابل الاستمتاع قال تعالى: «... فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة...» (الآية 24 من سورة النساء).
وفي قانون الأحوال الشخصية في دولة الإمارات العربية المتحدة الصادر عام 2005 تنص المادة 51 على أنه «إذا سمي في العقد مهر تسمية صحيحة وجب للمرأة ذلك المسمى، وإذا لم يسم لها في العقد مهر أو سمي تسمية غير صحيحة أو نفي أصلاً وجب لها مهر المثل».
ويفهم من هذا النص أن القانون لم يشترط تسمية المهر شرطاً لصحة النكاح، وإنما أقره حقاً واجباً على الزوج للمرأة، وفي المذكرة الإيضاحية للقانون نقرأ:
(إن جمهور الفقهاء وإن رأوا جواز العقد مع الاتفاق على عدم تسمية المهر أو على إسقاطه فإنهم أوجبوا للزوجة مهر المثل إذا تم الدخول أو حصلت الوفاة).
لكنني أقول: ينبغي ألا يستغل الناس هذا الجانب في المهر فيتزوجوا المرأة من غير مهر بحجة أنهم سوف يعطونها في المستقبل، وأنا أعلم أنهم بذلك الكذب يهربون من دفع المهر للمرأة.
وإنني أقول هذا من واقع تجربتي مع الناس، فهم عندما يقسطون المهر إلى معجل ومؤجل، يريد الكثيرون منهم أن يماطلوا في دفع المؤخر، وكثير منهم إذا استمرت الحياة الزوجية بينهم يموتون وفي ذمتهم مهر المرأة.

لذلك فإنني أرى أن فيما ذهب إليه مالك رحمه الله مصلحة للمرأة يحفظ لها حقها، ولماذا لا ينص على المهر عند العقد طالما هو حق واجب؟، اللهم إلا إذا نسي أو لم يعرف المأذون ما يتعلق بالمهر من أحكام، فعندئذ يعالج الموقف بمثل ما بينه الجمهور وإلا فالأصل أن يذكر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"