هل على التأمينات زكاة؟

03:00 صباحا
قراءة دقيقتين
اعتادت الشركات وبعض المؤسسات اليوم أن تأخذ تأمينات من المتعاملين معها كشركة الكهرباء ومقاولات البناء، ومكاتب استقدام الخدم وغيرها، أن تطلب مبلغاً من المال من المتعامل معه قبل أن تصدر له الرخصة التجارية، أو جلب الخدم، أو بناء البيت أو غير ذلك .
وهذا يعني أن الشخص قد يدفع لتلك الشركة أو المؤسسة، مبلغاً من المال يبلغ النصاب أو يتعداه، فحسب الظاهر أن هذا المال مال الشخص، لكن الواقع أنه بمجرد تسليمه إلى تلك المؤسسة، يفقد التصرف فيه، فهو لايستطيع أن يسترجعه في الوقت الذي يريده .
لذلك فإن الفقهاء قالوا: هذا المبلغ من المال وإن كان يبلغ النصاب، إلا أن صاحبه لا يملكه ملكاً تاماً بدليل أنه لا يستطيع أن يتصرف فيه .
إذن فإنه لا يجب عليه إخراج زكاته إلا عند قبضه واسترجاعه، وعندئذ يدفع زكاته عن عام واحد فقط حتى لو بقي في حوزة تلك المؤسسة لسنوات عديدة . لأن هذا المال يشبه ذلك المال الذي لا يرجى له سداد، فلا يجب على صاحبه أن يزكي عنه إلا إذا قبض، ويزكي عن سنة واحدة فقط .
ويقاس على التأمين المودع لدى البلديات، الأموال المجتمعة في صناديق الضمان الاجتماعي في بعض الوزارات، حيث إن تلك المبالغ تتجمع وتتراكم، ولا يمكن ان توضع في الوزارة، بل تودع في البنوك الربوية في الغالب .
وإذا أودعت وهي مبالغ كبيرة، فإن زكاتها تكون مبالغ كبيرة أيضاً، فكيف تخرج تلك الزكاة ولمن تدفع؟
يقول الفقهاء: لا زكاة على أموال صناديق الضمان الاجتماعي، لأنها في الأصل تبرعات، والتبرع عندما يتبرع به صاحب المال تنقطع ملكيته عنه، والمال لا يجب فيه الزكاة إلا إذا كان للنماء ويملكه المرء ملكاً تاماً، ويحول عليه الحول .
فهذه الأموال في صناديق الضمان الاجتماعي، وإن كان حال عليها الحول، إلا أنه لا يوجد شخص بعينه يملكها ملكاً تاماً .
وقد أفتت هيئة الفتوى في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة الكويت، بأن المبالغ الموجودة في مثل هذه الصناديق، لم تسجل باسم شخص خاص، بل بمنزلة هبة من المشتركين، ولو تم استثمار هذه الأموال فإن ريعها للصندوق، ولا زكاة عليها لأنها مرصدة للخير، وليس لها مالك معين .
بخلاف ما إذا تم إيداع مبالغ على سبيل الهبة من المشتركين في الصندوق، لكن لأشخاص معينين، فإن هذا المال وريعه يزكى عنه، إذا بلغ النصاب وحال عليه الحول، ويزكى عنه بأسماء المستفيدين الذين قبضوا الهبة، وإن كان الصندوق يديرها .
إذن هذا تيسير آخر لمصلحة صناديق الضمان الاجتماعي أو مؤسسات التأمينات الاجتماعية، شريطة ألا تستغل هذه الجهات مثل هذا التيسير لمصالح خاصة لا يستفيد منها المشاركون فيها .
فالدين يسر والقواعد الفقهية مرنة، لكن التحايل على الدين غير جائز، ولذلك تقول القاعدة الشرعية: "الضرورة تقدر بقدرها" .
ثم إن المبالغة في أخذ مبالغ من الموظفين والمتعاملين مع المؤسسات والشركات أو الخدم الذين يستقطبون من الخارج، قد تؤدي إلى خلط الحلال بالحرام .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"