الشاعرة الإماراتية صانعة الجمال

03:50 صباحا
قراءة 3 دقائق
لم تتوقف طموحات الشاعرة الإماراتية عند حد معين؛ بل سعت إلى أن تكون صانعة للجمال ومساهمة فاعلة فيه، واستطاعت منذ زمن بعيد أن تحقق إنجازات مشهودة في مجالات متعددة، وطورت بشكل دائم ومتسارع من أدواتها ووسائل التعاطي بشعرها مع مجتمعها من خلال طرح رؤاها الجمالية، التي شكلت صورة أنيقة ونقية للمشهد الشعري، وساعدها في ذلك الحضور اللافت والواسع في الساحة الثقافية، والدعم الكبير الذي حظيت به من قبل الدولة والمجتمع بوجه عام، وفتح أمامها الباب ونثر الورد في طريقها لتقول وتعبر بأناقة وشجاعة دون أن تتخلى عن العادات والقيم الأصيلة للمجتمع، ما أسس لمشهد إبداعي يشار إليه بالبنان.
وعلى ضوء هذا الدعم وصلت الشاعرة الإماراتية إلى مكانة مرموقة في المجتمع ما أهّلها للخروج من حدود الوطن لتصل بصوتها الشعري الآسر إلى الخارج، وتعبر الآفاق وتسهم في المشهد الشعري العربي بمشاركاتها في الأمسيات والمهرجانات والفعاليات العربية، فحلقت بنصوصها في سماوات القصيدة، وطافت كغيمة ماطرة تترك أثراً، وتحيي شعوراً، وقد ساعدها على هذا إصرارها على العمل جنباً إلى جنب مع نصفها الآخر في بناء الوطن، ومن ثم المساهمة الفاعلة في النهوض ثقافياً واجتماعياً واقتصادياً وفي كل المجالات.
لم يخف على أحد سعيها الدؤوب لإثبات كيانها الإبداعي، فقد احتفت العديد من وسائل الإعلام بنصوصها المحلقة، وخصوصاً في الشعر النبطي الذي بدأته منذ وقت بعيد، وقد حفظ لنا الرواة البدايات وأبرز محطات الوهج في الشعر مثل ما سجل عن الشاعرة سلمى بنت ظاهر، التي قيل إنها عاشت في صراع من أجل القصيدة مع والدها وهو ما يشير إلى بدايات الإصرار على الحضور من أجل إثبات الذات الشعرية، وإبراز الطاقات الفكرية التي تتميز بها المرأة، وهو ما مهد لقبولها وبشكل كبير فيما بعد.
وإذا تتبعنا مرحلة النهضة الحديثة في ظل قيام دولة الاتحاد فإننا سنجد أن الشاعرة الإماراتية حظيت في عهد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، بمكانة رفيعة ودعم كبير أهّلها إلى أن تبوح وتتحرك في مساحات واسعة، وساهم المجتمع كذلك في هذه العملية بإفساح المجال لها من أجل الانخراط في التعليم ونيل الشهادات العلمية العالية، وهو ما أثرى نصها ومده بثقافات مختلفة فانطلقت أشعارها تلون الصحف والمطبوعات التي تزينت ببديع القول ورهافة الشعور، ولم تقف عند هذا الحد؛ بل وقفت على المنابر في الكثير من الأمسيات فاستمع لها الناس وتأملوا دهشة نصوصها.
وكذلك أقنع شعرها العديد من الفنانين الذين تغنوا بكلماتها وهو ما فتح لها فضاء آخر، ومن تتبع هذه المرحلة سيذكر ما قدمته الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي «فتاة العرب» من نتاج شعري غزير امتد بعطره وورده لينتشر عبر وسائل كثيرة، وطارحت بشعرها العديد من الشعراء، وكذلك الشاعرة صنعاء بنت مانع آل مكتوم «لمياء دبي»، والشاعرة أنغام الخلود، وصولاً إلى الجيل الذي عاصرهن وشهد معهن مرحلة النشر عبر الملاحق الشعرية والمطبوعات وغيرها، وفي الشعر الفصيح برزت العديد من الأسماء الإماراتية أمثال الشيخة خلود المعلا، وصالحة غابش، وشيخة المطيري، وحمدة خميس، وبشرى عبد الله، ورهف المبارك، والهنوف محمد، ونجوم الغانم وغيرهن الكثير، ممن استطعن أن يطرقن الشعر الفصيح عبر أشكال مختلفة، واستفدن من التراث وكنوزه ومن ثم توظيف النص الشعري وتسخيره من أجل إبراز ثقافة المكان وما تميز به من عادات وتقاليد وقيم أصيلة، وإضفاء هذه الروح على النص الحديث الذي طرق أبواب الإعلام، وانفتح على وسائل التواصل الاجتماعي لتتسع مساحة حضور الشاعرة الإماراتية المتطلعة إلى عبور آفاق بعيدة من أجل المساهمة في المشهد الثقافي في دولة الإمارات.
محمد عبدالله البريكي
[email protected]
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"