سلطان وعالمية الشعر

02:04 صباحا
قراءة 3 دقائق
في اليوم العالمي للشعر قد يتساءل البعض ما الجديد في عالم الشعر، وما الذي حدث لهذا الفن العظيم منذ نشأته حتى اليوم، وعلى الرغم من أن السؤال مهم والإجابة عنه لا تسعها هذه الأسطر، لكن أرى أن الشعر ازدهر ولم يرجع خطوات إلى الخلف كما يتصور البعض، وأنّ كل أنماط الشعر بلا استثناء أوجدت خليطاً من الجمال، وجعلت للشعر مذاقاً، فالقصيدة عندما تأتي في أثواب مختلفة وتضع أصباغاً مبهجة غير اعتيادية تتجدد من تلقاء نفسها، وفي هذا العصر اتسعت رقعة القصيدة واتسعت أيضاً أغراض الشعراء فأصبح للمنابر الشعرية رونقها الخاص؛ فالشعر كتب لنفسه الخلود لأنه شعاع يمتد في الآفاق، وهو لا يورث، لكنه ما إن يفيض في بقعة حتى ينفجر ينبوعاً من بقعة أخرى، وشخصياً أشعر باستمتاع كبير كلما اطّلعت على تجارب جديدة لشعراء مغمورين، وفي كل مرة أقرأ لشاعر من هؤلاء أشعر بالدهشة والاستغراب وأقول في نفسي كيف لهؤلاء الشعراء أن يعيشوا في الظلم وتجاربهم أعمق بكثير من تجارب شعراء بلغوا حداً كبيراً من الشهرة والصيت والتكريم أيضاً، كما أنني أشعر بالسعادة حين أواصل البحث عن شعراء جدد لأنهم في الغالب يبحثون عن فرصة واحدة ليقولوا للناس «إننا شعراء»، والحقيقة أن هناك شعراء كثيرين في منطقتنا العربية يبحثون بخجل عن هذه الفرصة التي قد تغير كثيراً في مساراتهم الشعرية ونضعهم في الصفوف الأولى للشعراء.
وفي اليوم العالمي للشعر أجد أنه من الضروري أن نبحث عن الشعراء الجدد ونحفزهم ونقدم لهم الدعم لأنهم في حاجة إلى أن نقدمهم للجمهور وننشر لهم دواوينهم الشعرية ونحتفي بهم كما ينبغي، وفي الشارقة دائماً المعادلة متغيرة، فالقصيدة في هذه الإمارة الثقافية الكبيرة هي زاد بفضل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي قدّم للشعر الكثير، وأصبح عطاؤه مضرب الأمثال، والشعراء أنفسهم يقدرون مساعي سموه ودوره في الحفاظ على القصيدة العربية؛ إذ تعددت المبادرات الشعرية وتنوعت المهرجانات أيضاً حتى إن الشعر يتنفس بقوة في الشارقة ويتمتع بصحة جيدة ويذهب إلى الناس في بيوتهم ويحتسي معهم الشاي ويتحدث إليهم بكل الود ويسأل عن طموحاتهم المستقبلية.

هكذا إمارة الشارقة تتخطى حدود المألوف والعادي، وتقطف من أزهار الشعر للجمهور، والحقيقة أن رسالة سموه للعالم واضحة ومؤثرة في الوقت نفسه، فبكل الصدق والمحبة للجذور العربية وللأصالة الشعرية جعل سموه الشعر خبزاً ساخناً وطعاماً رائعاً لكل الناس، وهذه الرسالة التاريخية تظهر أبعادها الحضارية يوماً بعد آخر، وفي اليوم العالمي للشعر تتعاظم المسؤولية وتكبر أيضاً، لأن كل مسؤول عن الشعر في موقعه معنيٌّ بأن يقدم للشعر كل ما في وسعه للشعراء المبدعين ما يستحقون، كما أننا في حاجة إلى نوع من التسامح بيننا نحن الشعراء حتى لا تتسع المسافة ويتعارك أصحاب القديم مع التيارات الجديدة وكل طرف يعلن القطيعة، مع أننا في حاجة أكثر إلى أن نتقارب شعرياً وأن يتسع قلب كل واحد منا للآخر، ونؤمن أن القصيدة الجيدة هي الفيصل، لأن الخلاف في الشعر يضرّ بمصلحته، ويجعل الأجيال الجديدة في حيرة، فالشعر هو الشعر مهما تقادمت عليه العصور، والاختلاف في منابع القصيدة أمر مفيد، لكن الاختلاف في الأفضلية شيء غير مقبول، لأن الشعر الجيد هو الذي يفرض نفسه ولا يصح أن يقول الشاعر إنه يكتب بطريقة أفضل من الشاعر الآخر، فالذي يحكم هو الجمهور والنقاد والذائقة، وأعود إلى اليوم العالمي للشعر الذي آمل فيه أن تتغير المفاهيم البالية، وأن تترك التجمد الفكري والعراك غير المفيد من أجل كتابة قصيدة المستقبل، فحركة التطور مستمرة، وهي تحدث بشكل طبيعي مع مرور الزمن.

محمد عبدالله البريكي
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"