درس الغفلة

02:55 صباحا
قراءة دقيقتين
مبارك الرصاصي

إن كنت تبحث عن ملاذٍ، يبعدك عن صخب المدينة، وضوضائها المزعجة، فدع نفسك تأخذك، إلى منطقة حتا، القبلة الجديدة للسياحة في الإمارات، ذلك المكان الذي يتمتع بسفوح الجبال، ومياهها العذبة، وأجوائها الرائعة، التي حتماً لم تكن هادئة ومريحة بتاتاً، على الضيف الشرجاوي وجماهيره، التي عانت كثيراً، حتى يدرك فريقها التعادل الإيجابي، في الأنفاس الأخيرة، أمام الوافد الجديد، على دوري المحترفين، الذي خالف كل التوقعات، وكسر جمود البدايات، وأشعرنا بمجموعة متناغمة، تنبض بالحيوية، وتتمتع بالانسجام، لم تعبأ ولم تحفل، لا بالتاريخ ولا بالألقاب، بمدربها الشاب، كريستوس كونتيس.
حتا لم يكن صيداً سهلاً، كما يعتقد البعض، فهو الفريق القوي المنظم، الذي يقدم في كل مباراة، أداءً أفضل من السابق، وسبق أن قدم أداءً رائعاً، في الجولة الرابعة، أمام العين، وخسرها في الأمتار الأخيرة، من عمر المباراة، بهدف مقابل هدفين، وهو السيناريو الذي أعاده وحدث، في هذه الجولة، أمام الملك المتصدر، الذي استطاع العودة، في دقائق معدودة، بأخطاء قاتلة، والمباراة في الرمق الأخير، نتيجة الاستهتار المفرط، والثقة الزائدة في النفس، من الذين اعتقدوا أن المباراة انتهت.
ومدرب حتا، ولاعبوه وإدارته، وحتى جماهيره، لم يستوعبوا الدرس جيداً، من مباراتهم السابقة، مع فريق العين، وبأن اللقاءات لا تحسم، ولا تتضح نتيجتها، إلاّ مع صافرة النهاية، ببذل الجهد والتعب والعرق، وقوة الحضور الذهني، في كل دقيقة من عمر المباراة، وعدم الإفراط في التفاؤل، بأي نتيجة كانت، أو اليأس أمام أي نتيجة كانت، واحترام المنافس، والقتال حتى اللحظات الأخيرة، فالإفراط والثقة الزائدة، وحالة الاسترخاء، والمغامرات غير المحسوبة، التي تتسرب إلى نفوس اللاعبين، قد تؤدي بك إلى الفشل، وتسفر عن عواقب لا تحمد عقباها.
«الملك» من يمتلك، المقومات والإمكانات، التي تجعله يستطيع المحافظة على اللقب، لكنه ظهر بمستوى مهزوز جداً، أمام «الإعصار» وفاجأ الجميع، بضعف مستواه التنظيمي، وظهرت ملامح للتسرع والارتجال، في جميع الخطوط، بل إن حتا أجبره، على فرض أسلوب لعبه منذ البداية، والأهم من ذلك، هو العمل على احترام المنافس والخصم، والتحذير من مغبة التهاون والتراخي، والثقة الزائدة، التي كادت أن تسبب الخسارة الأولى «للملك» هذا الموسم، مع الجدية والمثابرة، والإصرار على العودة إلى المباراة.
ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي تقسو فيها كرة القدم، على من يفرط في الثقة، إذا كررت الدروس، دون أن نتعلم منها، وهو ما يمكن وصفه بدرس الغفلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"