أعياد واعتيادات وعاديات

05:10 صباحا
قراءة دقيقتين
عبدالله محمد السبب

يحدث أن نتذمَّر كثيراً، أو قليلاً، أو على قدر أمزجتنا ومنغصات حياتنا وامتعاضاتنا من الحالات الإغمائية التي تُطوِّق جيوبنا التي لا يَسُدُّ رمقها راتِبٌ مُعْدَمٌ أو متواضعٌ على أكثر تقدير، ومطلوبٌ القبض عليه من المتربصين به دائنين أو متسولين، بمختلف صورهم وأشكالهم وملامحهم الاجتماعية الاقتصادية، وما إلى ذلك من ملامح معلومة أو مجهولة الجانب والنيات، وصولاً إلى فلول الأسعار المتكالبة على تلك الجيوب المثقوبة، من دون رأفة بمن لا مصدر رزق لهم، أو أصحاب رواتب منخفضة جداً، إلى درجة الكفاف على المستوى المحلي العام، ومن دون مراعاة للقاعدين عن العمل أو المقعدين عنه من قدامى الموظفين. تلك المخالب السعرية التي لا تفرق بين مواطن ومقيم وزائر، وبين من هو غني أو فقير، وبين من هو منفرد وحيدٌ في هذه الحياة أو قائد لكتيبة من العناصر البشرية الغضة أو الهرمة، ولا تملك أسلحة نقدية لمجابهة ذلك الحصار السعري العام، المسعور في تصرفاته وفي ممارساته اليومية، الظاهرة منها والخفية؛ تلك المخالب التي لا تلتفت إلى الزمن الذي تُمارِسُ فيه وظيفة النهش في جسد تلك الجيوب المغبونة وفي طمأنينة القلوب المتقطرة ألماً من جَرَّاءِ الغلاء الفاحش والبذيء.
مخالب ليس لها منظار حي وحيوي للتمييز بين الهزيل والسمين، وبين الدائن والمدين، وبين الأوقات العامة الاعتيادية السائدة مع تلك المرتبطة بمناسبات عدة ومتباينة المشاعر والطقوس الفرحة منها أو الحزينة، كما في المناسبات الجنائزية المعنية بحالات الوفاة أو المرهونة بظروف الكوارث الطبيعية من جراء الأمطار أو الأعاصير أو الفيضانات أو الزلازل أو الحروب، أو تلك المعنية بالنجاحات المختلفة وبالأعياد السنوية التي يستعد لها معظم خلق الله، سواء من المثقوبة جيوبهم بالديون أو المسفوكة مياه وجوههم، من أجل رسم ابتسامة صغيرة على وجوه أهلهم وذويهم ومن هم في معيتهم من صغار وكبار، مهما بلغت تلك الأرقام المسجلة في دفاتر الحسابات التجارية أو الشخصية، أو من مختلف الطبقات البشرية من ميسوري الحال أو ممن هم في المنطقة الوسطى الكائنة بين الفقر والغنى.
نقول: نتذمر كثيراً من تلك المنغصات السعرية التي زادت عن حدها، ونتمنى أن تنقلب ضد نفسها، وضد أنفاسها الفحيحية، وضد مروجيها، وضد أصحاب الفتنة السعرية الأولى، الفتنة الأم، ومن تبعهم بإساءة وشراسة إلى يومنا الحاضر الذي نحتفي فيه مع عوائلنا وأرحامنا وأصحابنا وأنسابنا، بعيد الفطر السعيد.. أعاده الله علينا وعلى الأمتين، الإسلامية والعربية، بالخير والعافية والمحبة والطمأنينة وراحة البال.. فيما إخوة لنا في الحياة في مشارق الأرض ومغاربها، لا يجدون ما يعينهم على اتقاء لسعة البرد أو جمرة الحر أو لهيب الحرب الدائرة طوال الدقائق والساعات والأيام والليالي والأسابيع والأشهر والأعوام والسنين، لا عائل ولا مؤنس لهم إلا الله، فأعيادهم ناقصة التكوين، وأفرادهم يتناقصون يوماً بعد يوم.. أعانهم الله على مشقة الحياة وعلى سلطان حروبها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"