«المركزي الفلسطيني» وتحديات المرحلة

03:35 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

يعتبر المجلس المركزي الفلسطيني الذي عقد دورته الثامنة والعشرين في رام الله، في الرابع عشر من الشهر الجاري، أعلى سلطة تشريعية في غياب المجلس الوطني الفلسطيني؛ أي أنه يعد المحدد العملي للسياسة الفلسطينية، في حال كانت آلية اتخاذ القرار الفلسطيني سليمة، وفي أطرها الشرعية والتنظيمية، ولذلك فلا غرابة في أن ينظر إلى اجتماع المجلس المركزي في رام الله، باعتباره حدثاً مهماً، في ظل الأوضاع المتردية التي تمر بها منطقتنا العربية، والتداعيات التي نتجت عن اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لدويلة «إسرائيل»، وهو موقف أنهى عملياً أي حديث عن وساطة أمريكية في الصراع العربي «الإسرائيلي»، كما أنه يسقط كل الرهانات التي حاول البعض تسويقها، بإمكانية التسوية السلمية مع «إسرائيل»، التي تحظى بدعم غير محدود من الولايات المتحدة خصوصاً والغرب عموماً.
ولذلك يمكن القول إن المجلس المركزي الفلسطيني، مطالب الآن بإعادة تقييم حقيقية للنهج السياسي الفلسطيني، الذي أوصل القضية الفلسطينية إلى ما هي عليه الآن، ولا سيما اتفاق أوسلو الذي تمخضت عنه اتفاقات فرعية على الأرض، أوصلت السلطة الفلسطينية لأن تلعب دور الضامن لهدوء الشعب الفلسطيني، تحت الاحتلال، من خلال سلسلة اتفاقيات منها اتفاقيات التنسيق الأمني، الأمر الذي كبّل النضال الفلسطيني، ووقف عائقاً أمام أي مقاومة فلسطينية مسلحة ضد الاحتلال، وذلك بحجة الحفاظ على العملية السلمية.
لكن المفارقة التي تدعو إلى الاستغراب، هي أن السلطة الفلسطينية تعلن على لسان رئيسها محمود عباس، في خطابه أمام المجلس أن «إسرائيل» أنهت اتفاق أوسلو، وأن هذا الاتفاق لم يعد موجوداً، واصفاً خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسلام الشرق الأوسط بأنها «صفعة القرن وليست صفقة القرن»، معترفاً في الوقت ذاته بأن السلطة الفلسطينية من دون سلطة، وتحت احتلال من دون كلفة، لكنه أكد كالعادة تمسكه بالمفاوضات، من خلال صيغ مختلفة كمؤتمر دولي، أو رعاية أوروبية أو ما شابه، مجدداً رفضه للكفاح المسلح، «لأن الكفاح الشعبي السلمي هو السبيل فقط أمام الفلسطينيين الرازحين تحت نير الاحتلال».
ولعل السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: ما دامت «إسرائيل» أنهت اتفاق أوسلو، وما دامت الولايات المتحدة التي كانت المشرفة على عملية التفاوض الفلسطينية «الإسرائيلية»، قد أكدت انحيازها التام لـ«إسرائيل»، ولم تعد وسيطاً ممكناً كما تعلن القيادة الفلسطينية، فما الذي يدعو إلى التمسك بتفريخات اتفاق أوسلو، والمصائب التي حملها للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها التنسيق الأمني؟ وهل يعقل أن يبقى الشعب الفلسطيني متمسكاً بتسوية أثبتت على مدى ما يقارب ربع قرن، أنها مجرد مفاوضات عبثية لا طائل منها، وإنما بالعكس كانت غطاء لزيادة الاستيطان السرطاني في الأراضي الفلسطينية، واستمراراً لسياسة العدوان والقمع الوحشي للشعب الفلسطيني؟
بالتأكيد، لا يوجد شعب على وجه الكرة الأرضية يهوى الحرب من أجل الحرب، وفي مقدمة هذه الشعوب الشعب العربي الفلسطيني، الذي ما برح يعاني الاحتلال والقمع منذ عشرات السنين، ولكن ما هو الخيار أمام هذا الشعب المظلوم، إن سُدت في وجهه كل السبل لاسترداد حقوقه؟.
أخيراً، لابد من القول إن على المجلس المركزي إن كان سيضطلع بدوره كما يجب أن يجسد المواقف الشعبية الفلسطينية، وأن يعبّر عن شبه الإجماع الشعبي الفلسطيني، الذي يدعو إلى إلغاء الاعتراف ب«إسرائيل»، وتصحيح هذا الخطأ التاريخي، وإلى المقاومة ضد الاحتلال بكافة أنواعها، باعتبارها السبيل الوحيد والأوحد لنيل الحرية، وليس الرقص بلا نهاية في مسرحية شيطانية اسمها عملية التسوية، أثبتت الأيام أنها ليست سوى محاولات يائسة لتصفية القضية الفلسطينية ليس إلاَّ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"