إصلاح النظام اللبناني العام

01:30 صباحا
قراءة 4 دقائق
د. لويس حبيقة

هنالك شلل عام حالي ومزمن في لبنان ناتج عن انعدام ثقة الشعب بالحاكمين الذين عجزوا عن تأمين الحلول للنفايات وللمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة. ضياع الثقة ناتج عن سوء الأداء كما عن انعدام مبدأ المحاسبة والشفافية إضافة إلى المشاكل السياسية والأمنية في محيطنا العربي. إن النظام الحالي أدخل لبنان في دوامة العجز المالي والاستدانة والفساد الشامل وأوصلنا إلى عجز المؤسسات وتعطيلها بحيث أصبحنا نعيش خارج أحكام الدستور والقوانين التي أصبحت وجهة نظر. المسؤولون هم الذين أداروا هذا النظام وأساؤوا إلى الشعب. فرص أضاعها المسؤولون بعد سنوات من الحروب والأزمات. يحتاج لبنان إلى نوعية جديدة من المسؤولين وهذه هي مسؤولية الشعب في الاختيار.
حقوق المرأة دليل أساسي على تقدم المجتمع وانفتاحه على الحياة. أي مجتمع لا يعطي المرأة حقوقها الكاملة هو متأخر. أي مجتمع لا يستفيد من نصفه الأفضل في البيت والعمل والمهن يتأخر. من أسوأ الأوضاع عدم مساواة المرأة بالرجل وهي التي أعطت نتائج باهرة في كل الميادين. نؤيد تحقيق هذه المساواة بشكل كامل في كل القوانين والممارسات. نؤيد إعطاء المرأة الجنسية لأولادها لأن هذا حق والمرأة اللبنانية لا تقل شأنا عن الرجل في التربية والثقافة والعلم والإنتاجية. يجب أن يسمح المجتمع للنساء الشابات بالمساهمة أكثر في بناء المجتمع بالتعاون طبعاً مع صاحبات الخبرة في كل الميادين والأعمال. هنالك إصلاحات مطلوبة في كل القطاعات:
أولاً: الإدارة العامة إذ آن الأوان لاعتماد أسس الحكومة الإلكترونية لتسهيل حياة المواطنين ولرفع الإنتاجية كي تصبح الإدارة في خدمة المواطن وليس المواطن في خدمة الإدارة. لم يعد من الجائز إرهاق الإدارة بالأزلام بقرارات وزارية بدلاً من العودة إلى مجلس الخدمة المدنية في كل تعيين لبناء الدولة العصرية الحديثة. يجب تفعيل كل أجهزة الرقابة وإعطائها الإمكانات المادية والبشرية لمحاربة الفساد والفاسدين. يجب انتقاء الأفضل لتسلم المسؤوليات الوطنية. لا يمكن لأي قطاع عام أن يكون فاعلاً من دون إدارة رشيدة فاعلة تنفذ القرارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فشلنا في لبنان، إلا في فترات قصيرة، في خلق هذه الإدارة المطلوبة.
ثانياً: الإصلاحات السياسية:
1 - قانون انتخاب نيابي جديد يؤمن التمثيل الصحيح ولا يدفع بشرائح كبيرة ومهمة مذهبية أو اجتماعية للشعور بالغبن وسوء التمثيل.
2 - تعديلات دستورية: قد يكون ممكناً ومناسباً إعادة النظر ببعض المواد الدستورية المرتبطة برئاسة الجمهورية وغيرها من المؤسسات دون المس بجوهر الطائف وتفعيلاً للإنتاجية.
3- يجب التركيز على تطبيق القوانين ابتداءاً من كبار المسؤولين - رؤساء ووزراء ونواب وموظفين مروراً بالذين يتعاطون الشأن العام وصولاً إلى جميع المواطنين، مع وجوب التركيز على عدم حماية المُخالف أياً كان. الحساب والعقاب مترابطان.
4-في الجيش والأمن: إن الدولة في حاجة إلى جيش وقوة أمنية فاعلة بعتادها ومعنوياتها. تمويل تحديث وزيادة فعالية القوى المذكورة يجب أن يكون أولوية دائمة للدولة.
ثالثاً: الإصلاحات الاجتماعية: على الدولة أن تساهم إسهاماً فاعلاً في المدرسة الرسمية والجامعة اللبنانية. الإسهام يعني السعي إلى رفع المستوى بحيث تخف الأعباء المادية عن الأهل الذين ما زالوا يفضلون في لبنان التعليم الخاص وأن يكون أحياناً أدنى أو بنفس المستوى. المنافسة بين القطاعين الخاص والعام ضرورية وتساهم في تحسين أداء الطرفين. المفروض على الحكومات اللبنانية الاهتمام بأنظمة الضمان الاجتماعي وتجهيز المستشفيات الرسمية.
المرأة اللبنانية رائدة في كل الميادين والعلوم. لم تنجح بعد في السياسة لأنها لم ترد ذلك. هنالك ظلم ما زال حاصلاً وهو الفارق في الأجور بين الرجل والمرأة لنفس العمل، وهنالك ظلم آخر في تفضيل الرجل على المرأة في الترقيات ونوعية المراكز المعتمدة حتى في القطاع الخاص.
رابعاً: الإصلاحات الاقتصادية: يعاني الاقتصاد اللبناني ضعف النمو وسوء توزيع الدخل والثروة بين طبقات الشعب وفيما بين المواطنين. المطلوب تحديث القوانين والإجراءات التي تسهل عمل القطاع الخاص وتحفز الاستثمارات على المجيء إلى لبنان. إن أي نمو اقتصادي أو ازدهار مستقبلي يقتضي أن يكون مبنياً على ما يلي:
1. إدارة عامة عصرية حديثة وفاعلة.
2. التركيز على سياسة التوجيه المهني للتلامذة في المدارس تبعاً لأسواق العمل ولحاجة الاقتصاد والمجتمع.
3. التنمية المتوازنة جغرافياً ونوعياً. من يشاهد أوضاع المناطق البعيدة خاصة يحزن على الهدر والإهمال. يجب تحفيز المواطن على البقاء في الريف كي يعمل في الزراعة والحرف. لذا يجب إيصال المدرسة والمستشفى إلى كل المناطق.
4. إقرار التشريعات التي تنظم الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتسهل تطبيق الخصخصة في بعض القطاعات التي فشلت فيها الدولة ويجب تعزيز دورها خدمة للمواطن وللنمو الاقتصادي العام.
5. وجوب تنفيذ سياسات مالية تحقق التنمية المتوازنة وتخفف فجوة الثروة والدخل. تخفيف الفساد يؤدي إلى ترشيد الإنفاق وبالتالي إلى إعطاء الفرصة للحكومة كي تهتم أكثر بالحاجات التنموية الأساسية. تخفيف الفساد يؤدي إلى تحسين أوضاع الموازنة وتخفيف نمو الدين العام وبالتالي إلى تفعيل دور الدولة في المجتمع.
6. نقل العديد من مراكز المؤسسات الحكومية إلى الأقضية بتنوع متوازن من أجل تنمية الأرياف وتفعيل اختلاط اللبنانيين.
7. تحديث صندوق الضمان الاجتماعي والإسراع في إقرار قوانين التقاعد وضمان الصحة لكل المواطنين المقيمين في لبنان وفي الخارج.
8. إقرار قوانين تحمي المنافسة وتحارب الاحتكارات في كل القطاعات. لذا انضمام لبنان إلى منظمة التجارة العالمية يدخل في هذا الإطار ويؤدي إلى انخفاض الأسعار وحماية حقوق المستهلك وبالتالي المواطن.
9. مشكلة السكن ما زالت قائمة بالرغم من جهود مصرف لبنان والمصارف والمؤسسات المختصة. ما زالت أسعار المساكن تفوق إمكانات اللبناني العادي وبالتالي إن التفكير بحلول تمويلية وتشريعية يجب أن يستمر. لا مستقبل للمجتمع اللبناني من دون مسكن لائق ومناسب لكل اللبنانيين.
10. يجب أن تتدخل الدولة لخلق الأجواء المناسبة لعمل القطاع الخاص. لا نطلب الحمايات ولا الدعم وإنما اتخاذ الإجراءات التسهيلية والإدارية للاستثمارات. المطلوب مثلاً إيصال البنية التحتية أي الري والمياه للمناطق الزراعية والكهرباء للمناطق الصناعية. المطلوب وجود إرشاد زراعي وصناعي للتفكير بإنتاج سلع وخدمات جديدة للمنافسة في هذا العالم الجديد. نحن بحاجة إلى أفكار جديدة في مختلف القطاعات. المطلوب تمويل معاهد البحوث والتطوير والأموال موجودة عبر المؤسسات الدولية. القطاع الخاص منتج ويحتاج إلى بعض الرعاية والاهتمام فقط.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"