يواجه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، صعوبة في تشكيل حكومة جديدة، فبعد مرور ثلاثة أسابيع على إعلان نتائج الانتخابات المبكرة، لم تُفلح مشاوراته في إيجاد صيغة لحلفاء قادرين على بناء تشكيل وزراي، في وقت تلوح فيه مؤشرات جدية على عجزه في هذه المهمة، لينتقل التكليف إلى «خصمه» رئيس حزب «أزرق أبيض» بيني جانتس، ولكن حتى هذا الأخير تبدو حظوظه متواضعة، وربما يتم اللجوء إلى بديل ثالث.
ظاهر الأمر يوحي بأن هناك مشكلة سياسية تمر بها «إسرائيل» بعد تجربتين انتخابيتين في أقل من ستة أشهر، أما في العمق، فهناك أزمة كبيرة تواجه الجميع. بعض خيوط الأزمة يمتد إلى واشنطن، حيث يجابه «الحليف» دونالد ترامب متاعب جمة تتعلق بمساعي الديمقراطيين لعزله، فضلاً عن عدم استقرار حكومته بفعل الاستقالات والإقالات المفاجئة، والتغريدات المتناقضة التي تصدر بين ساعة وأخرى. أما تخبط السياسات الخارجية الأمريكية، وخصوصاً في الشرق الأوسط، فقد جعل «إسرائيل» تقف في تقاطع طرق ولا تعرف أين تذهب. ولا شك في أن التطورات المتسارعة على أكثر من مستوى، لا تخدم مصلحة الاحتلال وخططه المستقبلية في الإقليم. وحين ينعكس ذلك على الداخل، سيجد نتنياهو نفسه في ورطة متعددة المطبات، ففشله في تشكيل حكومة يعني مواجهته قضايا فساد والمحاكمة، وربما السجن، بما سيؤثر بالضرورة في وضعه داخل حزب «الليكود» الذي بات يتحضر لمرحلة جديدة.
الوضع الذي وصلت إليه «إسرائيل» كان بسبب سياسة التطرف التي قادتها في السنوات الماضية، وبسبب اعتمادها على الحليف الأمريكي والعمل على التنكيل بالفلسطينيين والتنكر لحقوقهم. ومع القناعة بأن نخب الاحتلال كلها سواء في ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، والشرق الأوسط عموماً، إلا أن هذه النخب تعيش مأزقاً تاريخياً على المستويات كافة. فبعد الإفلاس الأخلاقي، هناك إفلاس سياسي شامل، وكل الأطراف الحزبية، وخصوصاً «الليكود» و«أزرق أبيض» تلوك نفس الشعارات وتزايد على بعضها بعضاً في التطرف.
ربما لن يطول الوقت، حتى تصطدم هذه النخب بتوجهاتها المختلفة على واقع إقليمي ودولي جديد. أولى مؤشرات هذا التغير بداية الانسحاب الأمريكي المعلن والخفي من قضايا المنطقة، مقابل التقدم الروسي الحامل لرؤى جديدة لحل الأزمات المختلفة. وقد يستغرق الوقت بضعة أعوام، حتى تستفيق «إسرائيل» على هذه التغيرات، وحينها ربما تستبدل سياسات التطرف بالعودة إلى الواقعية.
مفتاح شعيب
عن الكاتب
مقالات أخرى للكاتب
قد يعجبك ايضا
