استئساد أمريكي على الفلسطينيين

03:39 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

لا يتوقف الاستئساد الأمريكي على الفلسطينيين، إذ لا تفوت إدارة الرئيس دونالد ترامب فرصة إلا واستثمرتها في فقدان مصداقيتها الدولية، وتحديداً في الشرق الأوسط. وجاء إعلان وزير الخارجية مايك بومبيو حول اعتبار المستوطنات «الإسرائيلية» في الضفة الغربية «لا تخالف القانون الدولي»، برهاناً جديداً على السقوط المدوي لهذه السياسة التي لم تثمر شيئاً يذكر في كل ملفاتها المفتوحة.
بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، والاعتراف بها عاصمة للاحتلال وضم الجولان السوري المحتل، لن يكون أي قرار لاحق غريباً، بما فيه إعلان بومبيو الجديد، لأن جميع القرارات وليدة سياسة واعية بما تفعل في هذه القضية، التي ما زالت، على الرغم من النوائب والنكبات، تحظى بدفاع المجتمع الدولي بأسره عن حق ذلك الشعب المنكوب في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967 بالحد الأدنى.
ومباشرة بعد الإعلان البائس هبت في وجه واشنطن عاصفة من ردود فعل منددة ما زالت تتوالى من كل العواصم. ولو كان هناك قانون دولي وقوى تدافع عن مبادئ العدالة والسلام فعلاً، لما خرقت واشنطن هذا القانون، وانقلبت عليه مرة أخرى في موضوع يفترض أنه «جريمة حرب» واعتداء صارخ على حق مشروع واتفاقيات وتفاهمات دولية مؤتمنة عليه. وبعد هذه المخالفة الأمريكية الجديدة، ستندفع جحافل المستوطنين لنهب مزيد من الأراضي الفلسطينية بأقسى ممارسات البطش والتنكيل بأصحاب الأرض الفعليين، عملاً بمبدأ صهيوني يقوم على السطو أولاً ثم يأتي «الاعتراف» مع الوقت وحسب التقلبات الدولية.
قد لا تنفع بيانات الإدانة والاستنكار الصادرة عن اجتماعات عربية ودولية، طارئة أو عادية، لأن الإدارة الأمريكية الحالية حزمت أمرها منذ بداية عهدها على خدمة الاحتلال ومشاريعه الاستيطانية، ولم يجانب الصواب ذلك الرأي القائل بأن ترامب قد خدم «إسرائيل» أكثر مما خدم الولايات المتحدة نفسها، بل وزاود حتى على متطرفيها، وفي صدارتهم بنيامين نتنياهو.
كل المؤشرات تؤكد أن ترامب ونتنياهو كلاهما غارق في أزمته، فالأول يواجه تحقيقات بشأن عزله، ولم تثمر سياسته الخارجية إنجازاً «رائعاً» يمكن أن يواجه به الناخب الأمريكي بعد عام، فلذلك يريد أن يستقطب «اللوبي الإسرائيلي» في الولايات المتحدة بخطوة مدوية مثل «شرعنة» ابتلاع الضفة الغربية. أما الثاني، وهو نتنياهو، فيواجه مصيراً مجهولاً، ويريد تشكيل حكومة بأي ثمن. ومما لا شك فيه أنه سيجير تصريح بومبيو لمصلحته، وسيصوره على أنه نتيجة ل «براعته» في تسخير «أمريكا العظمى» لخدمة التوسع الاستيطاني. أما الحقيقة، فإن كل ما يجري فصول من «قصة فاشلين»، لم يجدا غير الشعب الفلسطيني الأعزل، الذي تمر عليه مرحلة قاسية جداً قلَّ فيها الحليف والنصير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"