الإمارات بلد السلام وواحة للإخاء الإنساني

بوش أول رئيس أمريكي يزور الإمارات
02:18 صباحا
قراءة 4 دقائق
زيارة الرئيس الأمريكي للإمارات تعتبر من الأحداث المهمة في تاريخ الإمارات العربية المتحدة، هذا البلد الذي يكتسب كل يوم أهمية بسبب ما يصنعه لنفسه من أمجاد ومن صيت حسن في مجال التطور العمراني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي. فالإمارات اليوم بقعة تشبه الولايات المتحدة في السمة التعددية وعالمية الأشكال والألوان، وليس هناك في العالم أحد لا يتطلع إلى زيارة الإمارات والوقوف على أحوالها. وفي السنوات العشرين الماضية احتلت الإمارات مكانة تكاد تكون في المقدمة من كل الدول في الشرق الأوسط، وأصبح اسمها لا يضاهى بسبب الوضع الآمن والإدارة الحكومية الجيدة التي تكسبها الاسم الطيب والسمعة الطيبة. ولو تتبع المرء تطور الأمور الإدارية في الإمارات من تشريعات ونظم تساير أرقى التشريعات والنظم في العالم في خلال العقدين الماضيين، لوجد أن الإمارات تمشي مع المجتمعات الإنسانية المتمدينة في هذا المجال الذي يخدم كل إنسان يعيش على هذه الأرض مواطناً كان أم مقيماً.وفي خلال أقل من نصف قرن من الزمن أصبح عدد الإماراتيين المواطنين يقرب من ثمانمائة ألف نسمة، بعد أن كان عددهم في الستينيات من القرن الماضي يقل عن مائة وخمسين ألفاً، وصهرت الهوية الوطنية في بوتقتها أنماطاً من الثقافات القريبة والبعيدة، ومن النادر أن نجد إماراتياً لا يتخذ من العربية التي هي بنية الإمارات وأساسها، ثقافة ولساناً وهوية، وخاصة جيل الشباب الذي ولد على أرض الإمارات في النصف الثاني من القرن الماضي. وإذا اتخذنا من هذا الواقع مثلاً، وعرفنا أن العربية هي اللسان، وأن العروبة هي ثقافة، وأن من اعتنق العربية لغة وثقافة ومشاعر، واعتبر نفسه جزءاً من نسيج هذا المجتمع، وعاش بين ظهرانيه، ردحاً من الزمن في إطار من الانسجامية والانصهارية، يحب الوطن ويواليه، فهو مواطن لا ريب في وطنيته وفي عنقه للوطن حق وواجب، وله على الوطن مثل هذا الحق والواجب.وليس في الولايات الأمريكية المتحدة نظم تتعلق بالهوية الوطنية تتناقض مع ما تسير عليه الإمارات في مراعاتها لروح العصر ونظرتها الى التلاحم الإنساني، ووجوب التقبل للآخر طالما أن هذا الآخر لديه الاستعداد والرغبة في مشاركة البلد في أعرافها وفي قبول سماتها في الهوية الوطنية، ومن يدرس الحالة الأمريكية وواقعها يدرك أن هذا البلد الكبير تقوم أسسه على التعددية في إطار من الهوية الثقافية الأمريكية الخاصة، ومن هنا ندرك أن هناك سمات مشتركة بين الولايات المتحدة والإمارات.وكذلك فإن الإمارات هي من الدول التي تتمتع بصيت مقبول فيما يتعلق بإقامة المجتمع الانساني المتآخي، وتتقبل بصدر رحب كل من يفد إليها يبغي الصلاح والخير لنفسه وللمجتمع الذي يزمع التعايش معه، وأعتقد أن الإمارات من البلدان المتميزة التي فيها خليط من الثقافات والديانات والأعراق تعيش كلها بسلام ووئام، ويجد هذا الخليط تقبلاً وترحيباً من أولي الأمر في الدولة ومن سائر المواطنين والمقيمين.وفي رأيي أن هذا الإحساس بوجود الانسجامية والتلاحمية بين الناس في الامارات هو الذي يجعل الأنظار تتجه نحو هذه الدولة والقلوب تهفو إليها، وما من مسؤول دولي يزور المنطقة إلا وتكون زيارة الامارات ضمن جدول زياراته واهتماماته. وها هو الرئيس الأمريكي يضع الإمارات في قائمة الدول الأكثر أهمية للزيارة. وزيارة الرئيس الأمريكي التي تعتبر الأولى لرئيس دولة أمريكية في السلطة في تاريخ البلدين أمريكا والإمارات، لها من الأهمية الشيء الكثير، وتعطي الإمارات رصيداً جديداً في سمعتها العالمية وبعداً من الأبعاد التي تسجل لصالح الإمارات في المحافل الدولية.ومن الضروري والواجب الترحيب بالرئيس بوش باعتباره رئيساً لأعظم دولة، وباعتبار أن هناك صداقة ومصالح تربط بين الإمارات والولايات المتحدة، بغض النظر عن بعض الخلافات السياسية التي تنجم أحياناً وتتعلق بالطريقة غير الصائبة التي تتبعها الإدارة الأمريكية في تأييدها غير المتحفظ ل إسرائيل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، وعلينا في الإمارات ان نستثمر هذه الزيارة المهمة لما فيه المصلحة للمنطقة الخليجية والفلسطينية والعربية بصفة عامة.ومن الخطأ الظن أن الولايات المتحدة غير صديقة للعرب ولا يمكن كسب صداقتها، فالولايات المتحدة دولة مؤسسات، وفيها التعددية في القرار السياسي، وشعبها خليط متجانس من جميع الأعراق وله اتجاهاته، وهناك ما يقارب ثمانية ملايين من العرب الأمريكان ومن المسلمين الأمريكان الذين تهفو قلوبهم لقضايا العرب والعالم الإسلامي، ناهيك عن الملايين من الأمريكان غير العرب وغير المسلمين ممن يعيرون الاهتمام للقضايا العربية ويلقون إليها السمع. وفي الولايات المتحدة أعداد كبيرة من المنظمات والهيئات التي تعتني بالحقوق الأساسية للإنسان بدءاً بالحرية السياسية وانتهاء بتوفير القوت اليومي للمحتاجين في كل مكان من العالم، ولا تفكر هذه الهيئات في أية أمور تتعلق بعرقية الإنسان المحتاج أو دينه أو مرامه، وهناك قاسم مشترك بين الإمارات وبين الولايات المتحدة في تقديم هذه المساعدات إلى المحتاجين في أنحاء متفرقة من العالم، ولعل المشروع الإنساني الكبير المتمثل في دبي العطاء، وتبني هذا المشروع حملة محاربة الفقر بالعلم في إفريقيا وغيرها خير مثال على ما تقوم به الإمارات من التفاعل الإيجابي مع قضايا الإنسان ومشكلاته.ونحن في الإمارات شعب صغير يتوق إلى العيش بسلام ووئام في محيطه الجغرافي ومع العالم في كل اصقاع الأرض، وليس من مصلحة هذا البلد الصغير وليس في سياسته أيضاً أن يعادي أحداً أو أن يقف في صف أي عدوان أو تعدٍّ. وعلينا أن نناشد الولايات المتحدة وغيرها أن تساعدنا على التمسك بهذه السياسة والحفاظ عليها. وأعتقد بأن زيارة الرئيس بوش لبلدنا تتعلق كثيراً بتقبل الولايات المتحدة وتفهمها للسياسة الحكيمة التي تتبناها الإمارات وتسير على منوالها، وطالما أن الولايات المتحدة تقر بسلامة هذه السياسة وترى فيها الصواب، فإن الترحيب بالرئيس بوش وبزيارته يجب أن يكون كبيراً ومتميزاً وعلى كل الأصعدة وفي مستوى يليق بهذه الزيارة التاريخية.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"