الاقتصاد الجزائري والتطورات العالمية

03:34 صباحا
قراءة 3 دقائق

يحظى الوضع الاقتصادي للجزائر في ظل استعداد البلاد للانتخابات الرئاسية في ابريل/ نيسان المقبل، باهتمام المراقبين والمتابعين للشأن الجزائري . وعلى الرغم من أن اعادة انتخاب الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة أو انتخاب غيره قد لا تؤثر كثيرا في مستقبل الاقتصاد مقابل تأثير عوامل اقليمية ودولية إلا أن الاستعداد للانتخابات ادى الى تعليق بعض السياسات الاقتصادية، على الاقل حتى النصف الثاني من العام الجاري .

في المقدمة بالطبع مشروعات الخصخصة، خصوصاً في القطاع المصرفي الذي بدأت الجزائر بتحريره بوتيرة بطيئة في سياق برنامج لإعادة هيكلة اقتصادها . وستبقى خطط الخصخصة معلقة لما بعد الانتخابات . وينتظر أن تبيع الحكومة نسبة كبيرة من نصيبها في بنك القرض الشعبي الجزائري ونسبة صغيرة من بنك التنمية المحلية العام المقبل، في حال لم تؤد الانتخابات الرئاسية الى مفاجآت سياسية تعني تعديلا جذرياً على السياسة الاقتصادية . وينتظر أن يعود برنامج الخصخصة

الى كامل سرعته لبيع الانصبة الحكومية في القطاع المصرفي وقطاعات صناعية، على أن تظل الخدمات في يد الدولة .

إلا أن الاقتصاد الجزائري بدأ يعاني بالفعل، حتى قبل بروز الاهتمام بالانتخابات الرئاسية وذلك في اطار تأثره السلبي بالازمة الاقتصادية العالمية وتراجع أسعار النفط . الى جانب أن سنوات الوفرة في عائدات الطاقة لم تترجم الى تحسن ملموس في الظروف المعيشية لملايين الجزائريين على الرغم من نمو الاقتصاد الجزائري بمعدلات جيدة في الاعوام الخمسة الماضية . ومن شأن استمرار تراجع أسعار النفط، وربما خفض الانتاج، أن يؤدي الى تراجع العائدات من صادرات الطاقة، اضف الى ذلك تراجع الطلب نتيجة الركود الاقتصادي في أوروبا، المستورد الرئيسي للطاقة من الجزائر .

وبدأت بعض الدلائل خلال العام المنصرم، اذ شهدت مشروعات الغاز المتكاملة الرئيسية، عين صالح وعين امناس وقاسي الطويل، تباطؤا في التنفيذ نتيجة الازمة العالمية ما ادى الى عدم زيادة انتاج الغاز الطبيعي خلال العام ،2008 وليس النفط بافضل حالا، اذ ان الانتاج انخفض متضافرا مع تراجع الأسعار . ونتيجة تلك العوامل راجعت مؤسسات دولية عدة توقعاتها لنمو الاقتصاد الجزائري هذا العام بالخفض لتصل التوقعات الى 1 .3 في المائة، وذلك في ضوء تراجع الصادرات نتيجة الركود الاقتصادي العالمي ومن ثم انخفاض الدخل العام للبلاد، ومعظمه من صادرات الطاقة . ويتوقع ألا يزيد الفائض التجاري الجزائري مع الخارج

عن 15 مليار دولار، مقابل 9 .39 مليار دولار في العام 2008 .

ويتوقع أن تسهم القطاعات الاخرى، غير الطاقة، بالقدر الاكبر في نمو الناتج المحلي الاجمالي الجزائري . ومن شأن برنامج الحكومة الطموح لإعادة تأهيل البنية الاساسية في الجزائر أن يحافظ على بعض النشاط الاقتصادي وايضا زيادة رواتب العاملين في القطاع العام . وتتضمن مشروعات الإنفاق العام الكبيرة اعادة تاهيل شبكات الطرق، وخطوط السكك الحديدية . كما يتطلع القطاع الخاص الآن الى فتح باب التطوير لخدمات المياه والكهرباء .

الا أن تباطؤ نمو القطاع الخاص لا يساعد على توفير المزيد من فرص العمل لامتصاص البطالة في الجزائر التي تبلغ معدلات عالية . كما أن استمرار ازمة الانكماش الائتماني العالمية ستعني أن الاستثمارات الخارجية في مشروعات جزائرية، خارج قطاع الطاقة، لن تكون مشجعة ومن ثم قد تشهد بعض المشروعات الكبرى تأخيرا على الأقل . ولا يزال المستثمرون الاجانب يعتبرون أن الجزائر تفرض قيودا عليهم عبر تقييد ملكية الاراضي ووضع سقف لنصيبهم في المشروعات المشتركة وتعقيدات الاجراءات البيروقراطية .

وتبقى السياسة المالية والنقدية في البلاد الاكثر استقرارا ضمن بقية مكونات الاقتصاد الكلي، اذ إن نسبة التضخم آخذة في التراجع عن مستوى 4 في المائة الذي وصلت اليه . ويتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار السلع الى تراجعها . لكن الضغوط التضخمية تظل قائمة وقد تسفر عن ارتفاع فيما بعد العام 2010 مع بروز تأثير زيادة أجور العاملين في الحكومة والقطاع العام وعودة أسعار السلع للارتفاع .

ويظل بنك الجزائر (المركزي) قادرا على ضمان استقرار الدينار الجزائري مقابل اليورو والدولار، نتيجة احتياطاته الكبيرة من العملات الاجنبية التي وفرتها عائدات تصدير الطاقة .

ولا يتوقع أن يشهد الدينار تغيرات كبيرة في قيمته أمام الدولار (تدور في نطاق 65 دينارا للدولار، تزيد أو تنقص قليلا)، أما بالنسبة لليورو فبنك الجزائر حريص على ضمان شبه الثبات لقيمة الدينار أمام العملة الأوروبية الموحدة لأنه سوق التصدير والاستيراد الرئيسي للبلاد .

* محلل اقتصادي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"