الاهتمام الصحي في الوطن العربي

03:16 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبد العزيز المقالح

تحسين حال المستشفيات في مدننا العربية قد يحد كثيراً من الإنفاق على العلاج الخارجي، ويعمل على تحسين الخدمات الطبية.

أرقام مذهلة للأموال التي ينفقها بعض الميسورين على العلاج في الخارج، ولو تم إنفاق القليل منها لتحسين وضع المستشفيات المحلية والارتقاء بمستوى التمريض والمعالجة، لأوقفنا هذا الهدر المالي المشين الذي هو في غير محله.

ومما يثبت هذه الحالة، أننا نعجز عن التفكير السليم والنظر إلى المستقبل بعين مستوعبة لما ينبغي استيعابه، وليست هذه الصرخة سوى أصداء لصرخات مذهلة وقديمة لم ينتبه إليها أحد، فقد اعتدنا أمام المشكلات أن نقف وقفة حيرة لا نتقدم معها خطوة إلى الإمام، وهي حالة جعلت من كانوا أقل منا وعياً وتطوراً يتقدموننا مسافات طويلة. فهل آن لنا، بعد كل ما مر من تجارب فاشلة في هذا الميدان، أن نعيد النظر ونبدأ في الارتقاء بمستشفياتنا وأساليبنا العلاجية، ونستفيد من بعض ما ننفقه خارج أرضنا لهذا الهدف الوطني والاقتصادي؟

وهل آن الأوان أيضاً لننظر في أوضاعنا عامة للخروج من حالة التخلف المهين والاقتداء بمن كانوا دوننا؟

إن الواقع المؤلم والمحزن الذي نعانيه يدفعنا دفعاً إلى التغيير وإعادة النظر عاجلاً لا آجلاً في أوضاعنا عامة، والوضع الاقتصادي خاصة. وما من شك في أن تحسين حال المستشفيات في مدننا العربية قد يحد كثيراً من الإنفاق على العلاج الخارجي، ويعمل على تحسين الخدمات الطبية. وفي بعض الأقطار العربية ظهرت نماذج مستشفيات تقوم بإدارتها هيئات مشتركة عربية وأجنبية، وأثبتت نجاحها وحدّت إلى حد ما من سفر البعض إلى الخارج، وما يترتب عليه من متاعب الترحال، فضلاً عن إنفاق الأموال.

قد يقول البعض إن الأحاديث عن هذا الموضوع وغيره في غاية السهولة، لكن تحويل التفكير إلى أفعال هو المطلوب.

بالتأكيد، لو بدأنا الخطوة الأولى في هذا المجال، لتتابعت الخطوات ووجدنا أنفسنا بعد وقت قصير قد تجاوزنا المصاعب المادية والمعنوية. ولنا كذلك أن نعيد النظر في عاداتنا اليومية ومأكلنا ومشربنا. والإسراف من طبيعة العربي، ويتجسد أكثر ما يكون من المأكل، حيث تمتلئ موائد الموسرين بما لذّ وطاب بما لا حاجة للجسم إليه، ولكنها العادة التي تتحكم في مشاعرنا وتجعلنا نستكثر مما لا يغير ولا يغني؛ بل وما يتسبب في متاعب جسدية تدفع الأقلية الميسورة إلى السفر خارج الوطن وتبذير كثير من الأموال.

إن الزمن يمر والحياة تتغير من حولنا لا نتحرك ولا نشعر بأننا قد تأخرنا كثيراً، وأن علينا ألا نسرف في الأماني، وأن نعتقد أنها قادرة على إيصالنا إلى حيث نريد. فالأماني والأحلام مهما كانت جميلة وبديعة، فإنها لا تعدو أن تكون أحلاماً، وليس باستطاعتها أن تنقلنا من مكان إلى آخر، هكذا تقول الحقائق الواقعية وهكذا تثبت. وكثير هم الحالمون الذين يكتفون بأحلامهم عن العمل.

وقد قيل قديماً «إن الأحلام بضاعة الكسالى»، وهي التي تزين لهم ما هم عليه من ضعف وهوان.

والسؤال الذي تكرر كثيراً وينبغي أن يتكرر أكثر هو: متى تتحرر أجسادنا وعقولنا من الكسل وننتقل من حال إلى حال؟ ويطيب لي في هذا المجال أن أتذكر شيئاً عن عالم النمل؛ هذه الحشرة الدؤوبة التي لا تتوقف عن العمل والتي تختزن طعامها تحسباً لكل التغييرات الطبيعية، وهي نموذج صالح للاقتداء، لو كان في عالم البشر الذين نقصدهم من يقتدي أو يستفيد مما حوله من تجارب قادرة على أن تغير من سلوك الملول الكسول.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"