السياسة لكم والأرض لنا

03:49 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي

منذ الاحتلال «الإسرائيلي» الغاشم لأرض فلسطين، والمعارك السياسية المتعلقة بالتطبيع مع «إسرائيل» مستمرة، ورغم الأفواه المشبوهة الداعية للتطبيع، إلا أن تاريخ الاحتلال الغاشم المليء بجرائم الحرب والإبادة الجماعية والمجازر التي ارتكبها ضد الشعب الفلسطيني وغيره من الشعوب العربية خلال السنوات الماضية، تلغي جدوى كل المحاولات السياسية الفاشلة للتطبيع مع هذا العدو، الذي أثبت أنه يمتهن الإرهاب والقتل والإبادة في سبيل تحقيق أطماعه التوسعية المنطلقة من تعاليم توراتية مزورة.
لفلسطين أهمية كبيرة عند العرب والمسلمين وكل العالم، فهي مهد الحضارات الإنسانية وأرض الديانات السماوية. وما تواجهه فلسطين اليوم من مؤامرات لا تبشر بخير. والمشاريع والمخططات التي يجري رسمها في الدوائر الصهيونية والأمريكية، تعمل على التخلص من القضية الفلسطينية وتصفيتها، أي تصفية أعدل قضية عرفتها البشرية في عصرها الحديث. لكن في مواجهة ذلك، يقف شعب صابر صامد يمتلك العزم والإرادة على المواجهة، ويصر على إحباط المؤامرة الجديدة كما أحبط من قبل عشرات المؤامرات المماثلة. وهو يؤكد بالدم أنه لن يتنازل ولن يستسلم، وسيظل متمسكاً بحقه في أرضه وبقرارات الشرعية الدولية التي كفلت له هذا الحق.
منذ سنوات وجيش الاحتلال الصهيوني يقتل الفلسطينيين بلا رحمة. ويصادر أرضهم ويقيم عليها المستوطنات ويحاصرهم، وهذا حصاد فكر صهيوني عنصري متجذر كمنهج عمل يومي لدى قادة هذا الكيان ومستوطنيه. هنا لنا الحق في أن نسأل: إذا كانت هذه هي حقيقة هذا العدو فكيف لبعض دعاة التطبيع أن يقنعونا بالتعايش مع دولة عنصرية توسعية، ديدنها المجازر والحقد والكراهية؟ ثم كيف لنا أن نتخلى عن فلسطين أرض المقدسات والأنبياء؟ وبالأحرى كيف لنا أن نتخلى عن ديننا وقدسنا والمسجد الأقصى وكرامتنا، وعن إخوة لهم الحق والأرض، التي قدموا من أجلها مئات آلاف الشهداء لاستعادتها؟. لذلك يجب البحث عن حلول جدية لاسترجاع حقوق الشعب الفلسطيني بدلاً من اقتراحات ومخططات فاشلة لن تلقى قبولاً لدى من لديه كرامة أو ضمير.
بعد القرارات الأمريكية الأخيرة، بخصوص الجولان وقبلها القدس ونقل السفارة الأمريكية إليها، وتحركات جاريد كوشنر السياسية المتداولة بخصوص تسوية ملغومة، وما تتضمنه من مقترحات لرسم خريطة جديدة للمنطقة، يبدو أن هذه التوجهات السياسية، من شأنها تأجيج صراعات جديدة، لأنها تقدم القضية الفلسطينية ضحية على المذبح «الإسرائيلي»، خدمة لأمن دويلة الاحتلال والحصول الإدارة الحالية على دعم اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة.
إن التسوية الأمريكية المتوقعة لن تحقق أي تسوية، بل ستفتح أبواب الصراع إلى مداها، لأن الصراع هو صراع وجود في أصله وليس صراع حدود مع كيان غاصب أقيم على فلسطين بقوة السلاح والإرهاب، وبدعم من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرها، وتم تهجير الشعب الفلسطيني وقتلهم، وكل هذه الجرائم موثقة لدى الأمم المتحدة، وإلى اليوم يتم قتل المئات من المحتجين والمتظاهرين الفلسطينيين، ويتم تشجيع المستوطنين الصهاينة على القتل وانتهاك المقدسات يومياً.
على العالم العربي والإسلامي، الإدراك تماماً بأن القضية الفلسطينية قضية مصيرية، فلا تطبيع مع العدو «الإسرائيلي» الذي لا يريد سلاماً فهو عدو للسلام. وعلى دعاة التطبيع التوقف عن إطلاق مثل هذه الترهات، لأنهم يخوضون معركة خاسرة خاضها غيرهم منذ سنوات ولم يجنوا إلاّ الخيبة، وتركوا صفحة سوداء في تاريخهم.
إن أي عملية سلام لا يمكن أن تنجح، ما لم يتم إيقاف «إسرائيل» عند حدها، ومحاسبتها على جرائمها، وإرجاع كامل حقوق الشعب الفلسطيني، وإقامته دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ونقول لدعاة التطبيع أخيراً: السياسة لكم وأرض فلسطين لنا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"