العدالة والأخلاق (2 - 2)

01:47 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. لويس حبيقة

في العدالة والأخلاق أيضاً تكمن ضرورة احترام البيئة وقواعدها والالتزام بالاتفاقات الدولية المنطقية الموقعة. فبعض الدول يلوث ولا ينظف.
الدولتان الملوثتان الأعلى في العالم هما الصين أولاً والولايات المتحدة ثانياً. هل تقوم الدولتان بعمليات التنظيف بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس وعدم مراقبة ما تفعله الصين التي ترفع من استهلاكها للفحم لتوليد الطاقة؟ عالمياً بعد تجميد استهلاك الفحم لسنوات ثلاث سابقة، ها هو يرتفع من جديد، ما يشير إلى فوضى بيئية خطرة ويدعو المجتمع الدولي إلى القلق والحذر. انسحاب الولايات المتحدة من «اتفاقية باريس» يمكن أن يعطل الاتفاق كلياً خاصة وأن الموارد المتفق عليها للتنظيف أي 100 مليار دولار غير متوافرة عملياً. كما أن الخطورة تكمن أيضاً في أن تخطو دول أخرى خطوات الولايات المتحدة، وتنسحب بدورها من الاتفاقية. فعلاً ما يحصل في البيئة هو نتيجة حتمية لتدهور الأخلاق كما العدالة عالمياً. ضرب البيئة هو ضرب للنمو النوعي والتنمية الشاملة.
تمتد العلاقة بين العدالة والأخلاق إلى أمور أخرى مهمة منها الجوع وعدم توافر الغذاء في مناطق فقيرة كما إلى انتشار الأمراض مجدداً في العديد من الدول الإفريقية والآسيوية. لماذا يبقى الجوع في مناطق عديدة؟ هل هنالك عوامل طبيعية تؤثر فيه أم أن الأسباب أخلاقية؟ هل تكمن المشكلة في سوء التوزيع أم في سرقة ما يجب أن يوزع وبيعه في الأسواق؟ من يستطيع أن يقوم بذلك ويحرم الأطفال والمسنين من الطعام؟ هنالك مشكلة سوء غذاء في دول عدة وتخمة طعامية في دول أخرى والمشكلة لا تكمن في النقل ولا في المال؛ بل في العدالة والأخلاق وغض النظر.
تمتد مواضيع القانون والأخلاق إلى أمور عدة منها النقل وأنظمة السير خصوصاً التي تعانيها العواصم والمدن الكبرى. مشكلة السير هي مادية؛ لكنها أيضاً أخلاقية، أي تعتمد على كيفية القيادة واحترام القانون وإشارات السير كما على أخلاقية المسؤول الرسمي عن تنظيمه. حل مشكلة السير معقدة وتتطلب طرقاً أوسع وشبكات نقل عامة أفعل ومتنوعة أكثر، كما التنظيم لعمليات الطلب أي لأوقات استعمال الطرق والنقل العام. كلفة زحمة السير كبيرة على المواطن والاقتصاد بشكل عام، ويجب التخفيف منها. المطلوب تعديل أوقات العمل تبعاً للحاجة وتشجيع الموظف على العمل من منزله إذا كانت طبيعة العمل تسمح بذلك. المطلوب دراسة تعريفات النقل العام؛ بحيث تصبح أوفر وأفضل حتى يختارها المواطن طوعاً، ويترك سيارته في المنزل. المطلوب تأمين مواقف عديدة في المدن للسيارات بأسعار تنافسية؛ بحيث لا تزدحم الطرقات أكثر بين السيارات العاملة والأخرى المتوقفة للتبضع.
من الحلول المعتمدة للعديد من المشاكل هي المدن الذكية التي تقوم ببنائها بعض الدول كالصين حول عاصمتها. المدينة الذكية هي التي تدار كذلك عبر معلومات ودراسات قيمة ومناسبة تتوقع المشاكل قبل حدوثها وبالتالي تخف كلفة المعالجة. من مزاياها وضع بيانات وإحصاءات شاملة وكاملة تسمح للمسؤولين بدراسة المشكلة والحلول قبل تنفيذها. مدينة دبي مثلاً ستعتمد سيارة الأجرة الطائرة لشخص ومن ثم لشخصين.. دبي رائدة في الأفكار الجيدة؛ بل الممتازة. مدينة سنغافورة تقوم بإنشاء طرق تحت الأبنية للاستفادة من المساحات المحدودة في هذه الدولة الذكية. ما نحتاج إليه عملياً في كل دولنا هو ذكاء وأخلاق والترابط واضح أيضاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"