العدالة والمساواة أساس الحضارة

02:38 صباحا
قراءة 3 دقائق

شاهدت ليلة الجمعة الماضية، وأنا في القاهرة، برنامجاً خليجياً من تلفزيون المستقلة، وفي البرنامج حوار ساخن موضوعه الأساسي، المقارنة بين دبي وغيرها في المنطقة في ما يتعلق بالنهضة العمرانية أو شيء من هذا القبيل. ويبدو أن هذا الموضوع كان مطروقاً في برامج مماثلة لما رأيته، وقد يكون له توابع في الأسبوع أو الأسبوعين الآتيين.

وقد شدني هذا البرنامج وجعلني انصت إليه رغم وقته المسائي المتأخر، وذلك للأسباب الآتية: أولاً، أن المتحاورين، أو قل معظمهم، أعربوا عن إشادتهم بالحال والاحوال في دبي والإمارات، وهذا شيء يسعد جميع من يعيشون في هذا البلد الطيب. وثانيا، موضوع القرار الذي اتخذه وزير داخلية دولة الكويت بتسفير أو (طرد) أي أجنبي أو وافد يخالف قواعد المرور أو يتجاوز الضوء الأحمر لشارات المرور في شوارع وطرق الكويت. ثالثاً، شخصية الدكتور محمد الهاشمي المعروف بسعة علمه، وسعة صدره، والوقارية والاتزان في الألفاظ والمعاني التي يتحاور بها مع مشاهدي برامجه أو يطرحها عليهم.

ونرجع للسببين الأولين في مستهل تعليقي هذا، وبدايته الإشادة بنهضة دبي، وإشادة أحد الإعلاميين والشعراء من تونس وهو الدكتور حبيب أسود بالشيخ محمد بن راشد، وكيف أن هذا القائد لايفرق بين الناس، مواطنين أو غيرهم، ويعاملهم بالتساوي ولا يشعر الغريب في دبي أنه غريب أو بعيد عن موطنه.

هذه السمعة الحسنة التي كسبتها دبي وبالتالي كسبتها الإمارات ، تعود إلى أن هناك فعلاً مساواة في المعاملة بين الناس غرباء كانوا أم أقرباء، ولو كانت هناك فئة تعلو الأخرى، كأن نقول للمواطن إنه أعلى وإن غيره أدنى، لما تمايزت الإمارات بشيء، وإذا ذُكرت فإنها تذكر كسائر البلاد، لا تمييز، وليس في دبي أو في الإمارات من النهضة العمرانية ما يختلف عن غيرها، فأنت أينما تذهب في طول الدنيا وعرضها، تجد هذا العمران، ولكن الناس تبحث عما يطمئن نفوسها على حياتها وأموالها وأعراضها، فإذا تمت الصيانة لهذه الحياة والأموال والأعراض بعيداً عن الاستعلاء والقسرية وسوء المعاملة، فإن المكان هو المأوى الذي تهفو إليه قلوب الناس. وحذار أن يحاول أحدنا أن يسيء من قريب أو بعيد إلى هذه السمعة الجميلة التي كسبتها دبي والإمارات بفضل قيادة حكيمة، وإلا فنكون كمن يخرب بيته بيديه، ويهدم ما بني من العمران الحضاري، في لحظات البعد عن التفكير السليم والنظرة الشوفينية المتعالية.

علينا جميعاً أن نعاضد الاتجاه الليبرالي الحضاري للكويت ونؤيد ما يقوله الدكتور شملان العيسى، الكاتب الكويتي، وما يقوله الدكتور محمد الهاشمي، عن أن قرار تسفير الوافد إذا ارتكب خطأ أو جرماً عادياً كمخالفة المرور، ليس قراراً حكيماً، وسيسيء إلى سمعة الكويت، بلد الحرية الذي يتمتع بنظام ديمقراطي وإدارة ديمقراطية تفوق حسناته أنظمة حكم كثيرة في الشرق الاوسط، ويجعل الناس في سائر أنحاء الدنيا يظنون أن الكويتيين يعلون بأنفسهم عن الآخرين، ولا يساوون بين الكويتي والغير. وهذه الظاهرة إن تفشت فإنها غير سارة، وتخالف مبادئ حقوق الإنسان وتتعارض مع جميع القوانين والأنظمة السائدة في المجتمعات المتقدمة. ونحن نقول هذا من واقع الحرص على ان تبقى الكويت، وتبقى الإمارات، ويبقى الخليج، الواحة الآمنة والتجمع المثالي للإنسان المتحضر، الذي لا يعطي أمثالاً في العمران المادي وحده، بل يعطي وفي المقدمة من أولوياته، الأخذ بمبادئ حقوق الإنسان الذي كرمه الله، وجعلنا جميعاً أهل هذا البلد وأهل هذه البقعة خير أمة أخرجت للناس، إذا اتبعنا سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس هناك معروف مثل أن تضع نفسك في صف واحد مع الناس، لك ما لهم وعليك ما عليهم، كما أنه ليس هناك منكر مثل أن تنأى بنفسك وتضعها في مكانة غير مكانة الآخر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"