القيمة الاقتصادية للمنتجات الثقافية

00:58 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عبدالعظيم محمود حنفي

تمثل الصناعات الثقافية، بدءاً من ألعاب الكمبيوتر حتى الفن المعاصر، فرصة ذهبية أمام الحكومات التي يعوزها النمو، لا سيما وأن الطلب على صادراتها التقليدية لا يزال بطيئاً في أعقاب الأزمة المالية العالمية. فضلاً عن ذلك، فإن الموسيقى الشعبية أو البوب وتطبيقات الألعاب على الهواتف الخلوية لا تسبب تلوثاً كبيراً، كما أنها أقل استنزافاً نسبياً للموارد الطبيعية الثمينة. وتعكس الأعمال الثقافية الناجحة أيضاً صورة إيجابية للبلد المنتج لتلك الأعمال، بما يتيح للمصدرين الآخرين استغلال هذا النجاح ويمثل عامل جذب للسائحين.
وتبلغ حصة الاقتصادات النامية واقتصادات السوق الصاعدة في حجم التجارة العالمية في السلع الإبداعية النصف حالياً، وتفوق مساهمة الصين من السلع الإبداعية في السوق العالمية ثلاثة أضعاف الولايات المتحدة التي تمثل ثاني أكبر بلد مصدر للسلع الإبداعية.
ووفقاً لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، بلغت قيمة الصادرات الصينية من السلع الإبداعية 125 مليار دولار في عام 2011. في المقابل، أعلنت بكين نفسها أن صادراتها من «السلع الثقافية» في عام 2012 ارتفعت بنسبة 16,3 % مقارنة بالعام السابق. وبلغت نسبة الصادرات من الفنون المرئية 65% من الصادرات الثقافية الصينية، ما يفسر الأسعار القياسية للفن الصيني المعاصر.
في حين قامت الحكومة اليابانية بإنشاء صندوق «Cool Japan» بتكلفة بلغت 30 مليار ين ياباني (أي حوالي 300 مليون دولار) في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 بهدف الترويج لمجموعة كبيرة من السلع والخدمات الثقافية، بما في ذلك الرسوم المتحركة والأزياء والغذاء، وذلك لإبراز قوتها الناعمة وتعزيز النمو الاقتصادي. وتأمل اليابان في ظل تراجع عدد السكان على المستوى المحلي أن تراوح قيمة صادرات السلع الثقافية في اليابان من 8 تريليونات ين إلى 11 تريليون ين (80 - 110 مليارات دولار) في عام 2020، أي حوالي 1 % من السوق العالمية التي ستبلغ قيمتها بحلول هذا العام وفقاً للتقديرات اليابانية 9 تريليونات دولار. وتبلغ في الوقت الحالي قيمة صادرات المنتجات الثقافية 2,3 تريليون ين (أي حوالي 23 مليار دولار). وفي كوريا الجنوبية، وصلت المكاسب الاقتصادية المحققة من الطفرة في صادرات ثقافة البوب الكوري إلى 5 تريليونات وون (أي 4,3 مليار دولار) في 2010.
وترى دول شمال آسيا أنها هي الأقدر على زيادة صادراتها من السلع الثقافية في ضوء حجمها أو درجة تطورها. أما اقتصادات جنوب شرق آسيا فأغلبها بلدان مستوردة، غير أن ذلك لم يمنع الحكومات من السير على خطى البلدان الأخرى في مجال القوة الناعمة الثقافية؛ فقد أنشأت إندونيسيا وزارة للسياحة والاقتصاد الإبداعي، نظراً لأن الثقافة والفنون والموروثات والاقتصاد جميعها أمور متصلة اتصالاً وثيقاً ببعضها البعض. وفي تايلاند أصبح قطاع الاقتصاد الإبداعي من القطاعات ذات الأولوية في خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية العاشرة تأكيداً على أهمية الإبداع والابتكار لاستمرارية الاستقرار الاقتصادي.
في المقابل، يشير تقرير صادر عن (الأونكتاد) في عام 2010 إلى أن الهند لم تدمج مفهوم الاقتصاد الإبداعي كلياً في استراتيجياتها الوطنية حتى الآن. وكانت هوليوود قد قامت بتعهيد أعمال المؤثرات البصرية والرسوم المتحركة إلى الهند وهي أكبر منتجي الأفلام السينمائية على مستوى العالم. ووفقاً لتقرير صادر عن شركة الخدمات المالية ديلويت Deloitte ومكتب جمعية الفيلم الأمريكي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بلغت مساهمة صناعة الأفلام والتلفزيون في اقتصاد الهند 8.1 مليار دولار، أي ما يعادل 0,5% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2013.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"